قوله سبحانه :
حاكيا عن إبليس (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي) إنه كلام إبليس وإنه ليس ممن يقبل قوله وإن أبانا آدم هو الصدوق المعتمد (قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) فاعترف أنه الظالم لنفسه فيما يتعاطى من ترك المذنوب إليه ولم يضفها إلى ربه فقوله أصح وكلامه أثبت وإن إبليس قد اعترف في الآخرة اضطرارا في قوله (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ) ثم إنه لم يقل إنك أغويتني عن الحق وقال تعالى (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) و (لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ) فأخبر أننا مختارون.
قوله سبحانه :
(وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) لا تعلق فيه لأنه قال لو فعلت كذا لفعلت وليس يوجب ذلك بأنه يفعله وقد قال في نظمه (لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ) وليس ذلك بمجوز أن يفعله.
قوله سبحانه :
(وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) فتأويله مثل ما قلنا في الكيد والمكر.
قوله سبحانه :
(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا) الآية أبى ذو الكلاع الحميري قتال علي ع فوضع عمرو بن العاص أن السعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في بطن أمه وانتحله إلى النبي ع وقارنه بهذه الآية فبايع ذو الكلاع معاوية فانتشر ذلك في بني أمية وأتباعهم إلا عمر بن عبد العزيز فإنه لم يقبله فإن صح الخبر فتأويله وتأويل الآية إن السعيد والشقي من يظهر أمره في قبره لأن الأم كل ما يرجع إليه قوله (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) والأرض هو المرجع قوله (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ) وقوله (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَأَمْواتاً) وقال الضحاك المعنى أن الذين سعدوا بطاعات الله يدخلون الجنة خالدين فيها واستثني من جملتهم من كان مستحقا للنار ولو أراد عقابهم ثم إخراجهم منها فكأنه قال خالدين فيها إلا مدة ما كانوا معاقبين في النار وذلك صحيح لإجماع الأمة على جواز