صح أن الإنسان مختار وامتحان المجبور محال لأنه إنما جربه ليتبين فيه ما يكون منه من طاعة أو معصية وموالاة أو معاداة وإذا كان الممتحن هو الفاعل بجميع ذلك بطل الامتحان.
قوله سبحانه :
(وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) فعدة الملائكة لا تكون كفرا للكافر ولا خلاف أنهم لا يكفرون لأجل عدتهم وإنما يكفرون لغير ذلك.
قوله سبحانه :
(رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً) وقوله (لا تَفْتِنِّي) سؤال ولا تعلق بالسؤال ولا يدل على أن المسئول يفعل ما يشاء أو يفعل بخلافه قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفِتْنَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْفِتْنَةِ وَلَكِنْ مَنِ اسْتَعَاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ). ومعنى الآية أن الله تعالى يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبين الساخط لرزقه والراضي بقسمة وإن كان تعالى أعلم بهم ولكن ليظهر الأفعال التي يستحق بها الثواب والعقاب لأن بعضهم يحب الذكور ويكره الإناث وبعضهم يحب تثمير المال ويكره انثلام الحال.
قوله سبحانه :
(فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ) أي عاملناهم معاملة المختبر بأن شددنا عليهم في التعبد بأن ألزمناهم عند إخراج العجل إلى أن يستدلوا على أنه لا يجوز أن يكون إلها ولا أن يخلو من إله.
قوله سبحانه :
(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) لم يذكر ما فيها وجعلها مضافة إلينا ولا يجوز بمعنى الإضلال من حيث توعدهم بها والتوعيد لا يصح بالإضلال وكيف يصح أن يتوعد بالإضلال من هو ضال على أنه إنما توعد المخالف لأمره فلو كان بمعنى الإضلال لكان بمثابة أن لو قال فليحذر من أضللته لمخالفة أمري أن أضله