ذلك قوله في آخرها (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ)
فصل
قوله تعالى (وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) قال أبو علي معنى قوله (فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) أي شددنا التكليف على أشرف العرب وكبرائهم بأن أمرناهم بالإيمان برسول الله ص بتقديم هؤلاء الضعفاء على نفوسهم لتقدمهم إياهم في الإيمان وكونهم أفضل عند الله وهذا أمر كان شاقا عليهم فلذلك سماه فتنة.
قوله سبحانه :
(وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) قال الحسن معناه كما يقول الأعمى لو شاء لجعل لي عينا مثل فلان ويقول السقيم لو شاء لأصحني مثل فلان وقال الفراء كان الشريف إذا أراد أن يسلم وقد سبق المشروف إلى الإسلام فيقول أسلم بعد ذا فكان ذلك فتنة وقيل (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) للعداوات التي كانت بينهم في الدين والفتنة شدة في التعبد تظهر ما في نفس العبد من خير وشر وهي الاختيار.
قوله سبحانه :
(الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) قال مجاهد أي يبلون في أنفسهم وأموالهم وقيل أي يصابون بشدائد الدنيا.
قوله سبحانه :
(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) أصل الفتنة التعريض لما به يظهر المخالص من الشوائب ومتى صرف عن ظاهره سقط تعلقهم بها على أن الفتنة الامتحان يقال فتنت الذهب في النار (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) والفتنة أيضا الإحراق يقال فتنت الرغيف في النار قوله (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) قال الشاعر :
إذا جاء عبسي جورنا برأسه |
|
إلى النار والعبسي في النار يفتن |
ولا يصرف إلى الكفر إلا بدليل ولا دليل هاهنا يجب صرفه إليه وإذا كانت بمعنى الامتحان