إلجائهم على الامتناع من الاقتتال أو بأن يمنعهم عن ذلك وقيل لا يدل قوله (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) على أنه قد يشاء اقتتالهم لأنه إذا احتمل الكلام وجهين جائز عليه وغير جائز وجب حمله على ما يجوز عليه وهذا كقول القائل لو شاء السلطان لم يشرب النصارى الخمر ولا نكحت المجوس المحرمات وليس في ذلك دليل على أنه قد شاء.
قوله سبحانه :
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) لم يبين على أي وجه جبرا أو اختيارا الوزير الأمي :
إذا فعلت ما أراد ربي |
|
ولم أحد عنه فما ذا ذنبي |
يخلق ذنبي وأكون آثما |
|
يظلمني ثم أسمي ظالما |
قوله سبحانه :
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) قال الحسن والجبائي إنه إخبار عن القدرة كما قال (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) وقوله (وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) قال الجبائي معناه لو شاء الله لفعل بهم ما يختارون عنده الكفر لكنه لا يفعله لأنه مناف للحكمة وقال قوم لو شاء الله لجمعهم على ملة واحدة في دعوة جميع الناس شريعة واحدة مع اختلاف المصالح وقال الحسن المغربي معناه لو شاء الله لا يبعث إليهم أنبياء فيكونوا متعبدين بما في العقل ويكونون أمة واحدة.
قوله سبحانه :
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) عنى بالمشية إلجاء لا اختيارا وإنما أراد أن يخبرنا عن قدرته وأنه ممن لا يغالب ولا يعصى مقهورا ولفظة المشية في الآية لا يجوز حملها على الاختلاف والذهاب عن الدين لأنه نهى عنه وتوعد عليه فكيف يجوز أن يكون شائيا له ومجبرا للعباد عليه ثم إن الرحمة أقرب إلى هذه الكناية من الاختلاف وحمل اللفظ على أقرب المذكورين أولى وقوله (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) كناية عن الاجتماع على الإيمان كما قال (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وقال (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) و