على ما قالوه لأن الزيادة لا تعقل بمعنى الرؤية فإذا لا يجوز أن يخاطب الله
عباده بما ليس في لغتهم إلا مع البيان لذلك وإنما يصح ذلك في الشرع من حيث لم يكن
لما أمر به في أصل اللغة اسم موضوع وليس كذلك الرؤية ولا بيان هاهنا وأما حمل
الآية على الحديث المروي عن أبي بكر فإسناده غير مرضي ثم إن رد ذلك إلى مخصوص جائز
ما لم يرده اللغة والأصول فاللغة تنفي ذلك لأن الزيادة على الشيء لا تكون إلا من
جنس ذلك الشيء ألا ترى أنه لا يجوز أن يقول له عشرة دراهم وزيادة ثم تكون الزيادة
ثوبا وإن الزيادة على الشيء لا تكون أفضل من الشيء المذكور بل تكون دونه فلما كانت
رؤيته أفضل من جميع الثواب ومن الجنة لم يجز أن يكون المراد بلفظ الزيادة الرؤية
وقوله (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا
الْحُسْنى) مثل قوله (عاقِبَةَ الَّذِينَ
أَساؤُا السُّواى) فمعنى الحسنى الثواب ومعنى السوء العقاب ومعنى الآية
مفسر في القرآن في مواضع وهو أنه يعني به أن للمحسن جزاء إحسانه وزيادة تحصل له لا
يستحقها بفعله كما قال (مَنْ جاءَ
بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ
وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) فبين أن الزيادة من فضله ولم يقل من رؤيته ولا معدل عما
بينه الله وقد فسره المفسرون قال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة الحسنى الثواب
المستحق والزيادة التفضل على قدر المستحق على طاعاتهم من الثواب وهي المضاعفة
المذكورة في قوله (فَلَهُ عَشْرُ
أَمْثالِها) وقال أبو صالح والكلبي نحو ذلك وقيل ما يأتيهم في كل
وقت من فضل الله مجددا الْبَاقِرُ ع الزِّيَادَةُ هِيَ مَا أَعْطَاهُمُ اللهُ مِنَ
النِّعَمِ فِي الدُّنْيَا لَا يُحَاسِبُهُمْ بِهِ فِي الْآخِرَةِ. أَمِيرُ
الْمُؤْمِنِينَ ع الزِّيَادَةُ غُرْفَةٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ لَهَا
أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ.
قوله سبحانه :
(كَلَّا إِنَّهُمْ
عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) ليس في الآية ذكرها ولا محجوبين إثبات لكونهم غير
محجوبين لأن اللفظ لا يدل عليه ولا ينبئ عنه والمتروك ذكره لا يدل على أنه بخلاف
المذكور بل يكون موقوفا على الدليل على أن ما ذكر أنهم محجوبون عنه في يوم القيامة
وعند القوم لا يراه أحد في ذلك الوقت بل الكل محجوبون ولو كان منعا عن الرؤية
لناقض قوله (وَلَوْ تَرى إِذْ
وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) فهذه تخبر عن وقوفهم عليه وتلك تخبر عن كونهم غير
محجوبين عنه ويأتي لفظ الحجاب فيما هو أبلغ من الرؤية فيقال فلان محجوب عن الإرث
إذا كان من لأجله لا يستحق الإرث وفلان محجوب عن ماله أي ممنوع من التوصل إليه
وعلى هذا تأول الآية على أن الاستدلال بالآية مبني على دليل الخطاب وهو باطل