سنّ اليأس وبذلك صرّح في الكشاف وتفسير القاضي (١) ورؤيا انّه لمّا نزلت : والمطلقات يتربّصن بأنفسهنّ ثلاثة قروء قيل فما عدة اللّاتي لم يحضن فنزلت.
وهؤلاء يحملون قوله (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) على الصّغيرة الّتي لم تبلغ ويوجبون عليها العدّة ثلاثة أشهر أيضا نظرا الى أن الخبر محذوف اى هنّ كذلك ، فعلى هذا يجب العدة على الكبيرة اليائسة وعلى الصغيرة ثلاثة أشهر مع الدخول ، وإليه يذهب السّيد المرتضى من أصحابنا تمسّكا بظاهر الآية قال : وهو صريح في أنّ اليائسات من المحيض واللائي لم يبلغن عدّتهنّ الأشهر على كل حال.
وقوله (إِنِ ارْتَبْتُمْ) معناه على ما ذكره جمهور المفسّرين وأهل العلم بالتأويل إن كنتم مرتابين في عدد هؤلاء النساء وغير عالمين بمقدارها ، وقد رووا (٢) ما يقوى ذلك وهو : أن أبي بن كعب قال : يا رسول الله إن عددا من عدد النساء لم تذكر في الكتاب الصغار والكبار وأولات الأحمال فأنزل الله تعالى (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) الى قوله (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ).
وكان سبب نزول هذه الآية الارتياب الّذي ذكرناه ولا يجوز أن يكون الارتياب بأنّها آيسة من المحيض أو غير آيسة لأنّه تعالى قطع فيمن تضمّنته الآية على اليأس من المحيض بقوله (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) والمرتاب في أمرها لا تكون آيسة ، وإذا كان المرجع في وقوع الحيض منها أو ارتفاعه عنها الى قولها ، وهي المصدّقة فيما تخبر به من ذلك ، وأخبرت بأحد الأمرين ، لم يبق للارتياب في ذلك معنى.
وكان يجب لو كانت الريبة راجعة الى ذلك أن يقول ان ارتبن ، لأنّ الحكم في ذلك يرجع الى النساء ، ويتعلق بهنّ ، ولا يجوز أن يكون الارتياب بمن تحيض أولا تحيض ممّن هو في سنّها ، لأنه لا ريب في ذلك من حيث كان المرجع فيه العادة.
__________________
(١) انظر الكشاف ج ٤ ، ص ٥٥٧ ، والبيضاوي ج ٤ ، ص ٢٠٧ ومثله في الكنز ج ٢ ، ص ٢٥٩.
(٢) انظر الدر المنثور ج ٦ ، ص ٢٣٤ ورواه أيضا في كنز العرفان ج ٢ ، ص ٢٦٠.