(فَانْكِحُوا) ، وهو خطأ لأنه يجوز العدول عن الظاهر لدليل ، وقد قام الدليل على عدم الوجوب.
قلت : ومما يدل على عدم الوجوب انه لو كان للزم وجوب مثنى من النساء ولا قائل به ، فانتفت دلالة الآية من هذا الوجه ، ولعل مراد الطبرسي من الدليل هذا.
ويمكن حمل الأمر على الاستحباب ، وفيه تأمل إذ استحباب الثنتين وما فوقها غير ظاهر ، بل قد يظهر من الشيخ كراهة ذلك ، ولعل وجهه التحرز عن عدم العدل وكونه مظنة الوقوع فيه ، وهذا مما يقوى كونه للإباحة أيضا.
ثم انه تعالى خاطب الأزواج وأوجب عليهم إعطاء مهور النساء بقوله (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ) مهورهن ، والصدقة المهر في لغة أهل الحجاز ، وقد يسمى المهر صداقا لأنه مظهر لدعوى صدق الزوج في المحبة إذا دفعه ، وقرئ على وجوه أخر.
(نِحْلَةً) أي عطية ، يقال نحلة كذا نحلة إذا أعطاه إياه من طيب نفس بلا توقع عوض سمي به المهر مع كونه عوض البضع لاشتراك فوائد التزويج بينهما واختصاص الزوج بدفع المهر إلى الزوجة فكان ذلك عطية من الله ابتداء وعطية من الزوج نفسه.
ولأنه لا يملك بدل المهر شيئا ، فإن البضع في ملك المرأة بعد النكاح كهو قبله ، وإنّما الذي استحقه الزوج هو الاستباحة لا الملك. وهو منصوب على المصدرية ، لأن النحلة والإيتاء بمعنى الإعطاء.
ويحتمل الحالية عن الصدقات اى منحولة ، أو عن فاعل آتوا بمعنى ناحلين وقيل المعنى نحلة من الله وتفضلا منه عليهن ، فيكون حالا عن الصدقات. وقيل المعنى ديانة من الله ، من انتحله إذا دان به فهو مفعول له ، أو حال عن الصدقات.
ومن فسرها بالفريضة نظر الى مفهوم الآية لا الى مفهوم اللفظ [ومن ثم عبر عنه بالفريضة في موضع آخر حيث قال (وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) الآية] والخطاب للأزواج لأن ما قبله خطاب للناكحين. وقيل خطاب للأولياء فإن العرب كانت في الجاهلية لا تعطي البنات من مهورهن شيئا ، فنهى الله تعالى عن ذلك وأمر بدفع الحق إلى أهله.