وقد اعترض على الاستدلال المذكور باعتراضات :
الاوّل : دعوى ان اليقين والشك في فقرة الاستدلال لا ظهور لهما في ركني الاستصحاب ، بل من المحتمل ان يراد بهما اليقين بالفراغ والشك فيه (١) ، ومحصّل الجملة حينئذ أنّه لا بد من تحصيل اليقين بالفراغ ، ولا ينبغي رفع اليد عن ذلك بالشك ومجرّد احتمال الفراغ ، وهذا اجنبي عن الاستصحاب.
والجواب : ان هذا الاحتمال مخالف لظاهر الرواية ، لظهورها في افتراض يقين وشك فعلا ، وفي ان العمل بالشك نقض لليقين وطعن فيه ، مع أنّه بناء على الاحتمال المذكور لا يكون اليقين فعليّا ولا يكون العمل
__________________
(١) المراد بهذا الكلام ان هذه الرواية ناظرة الى تطبيق القاعدة العقلية «الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني» لا قاعدة الاستصحاب ، فبناء على ارادة قاعدة الاشتغال يصير المعنى هكذا : لا يكتفى بالشك في الفراغ بل يقوم فيضيف ركعة أخرى حتّى يحصل عنده يقين بالفراغ(*).
__________________
(*) (ملاحظة): (قد يقال) إنّ بين اصالة الاشتغال وقاعدة الاستصحاب تداخلا ، فمن حيث مورديهما ترى ان مورد اصالة الاشتغال هو الشك في فراغ الذمّة مما قد علم بثبوته فيها سابقا ، اما مورد الاستصحاب فاعمّ من ذلك ، وامّا من حيث مفادهما ، فمفاد اصالة الاشتغال هو لزوم العلم بفراغ الذمّة ، وامّا مفاد قاعدة الاستصحاب فهو إحراز بقاء الحالة السابقة تعبّدا ، (ولكن الصحيح) أنّ اصالة الاشتغال هي فرع من فروع الاستصحاب كما يتّضح ذلك بادنى تأمّل ، فانك إذا تردّدت بين وجوب صلاة الجمعة ووجوب صلاة الظهر ثم صليت إحداهما ، فان العقل هنا يستصحب بقاء اشتغال الذمّة حتّى يعلم بفراغها ، وكذا الامر في اشباه هذا المورد.