مريم تعود بابنها وقد جاوز سنّ الرضاعة
على أنّ مريم لما جاءت بالمسيح كان قد تجاوز دور الرضاعة الأولى بعد مدّة طويلة من ولادته.
جاء في إنجيل متى : ولمّا ولد يسوع في بيت لحم في أيام هيروديس الملك ، جاءت جماعة من المجوس ليقدّسوه وعلم الملك بذلك واستفسر الكهنة عن مولده فأنبئوه بمكان ولادته وكان قد همّ بقتله ، وقال للمجوس إذا عرفتموه فأخبروني لكي اقدّسه معكم.
أمّا المجوس فوجدوه في بيت لحم مع أمّه مريم فخرّوا وسجدوا له وقدّموا هداياهم ورجعوا منصرفين على غير طريق الملك.
وبعد ما انصرفوا إذا ملاك الرّبّ قد ظهروا ليوسف خطيب مريم في حلم وأمروه أن يهرب بالصبي إلى مكان بعيد لا يعرفونه ، خوفا على الصبي من السلطان. فلمّا مات الملك ألهم يوسف بأن يرجع مع الصبي إلى أرض إسرائيل. وقد كان «أرخيلاوس» ملك اليهود ، فخاف يوسف وعرّج على نواحي الجليل وسكن في مدينة يقال لها ناصرة. (١)
وفي إنجيل برنابا نفس العبارة مع شيء من التوضيح :
«ولمّا مات هيروديس ظهر ملاك الربّ في حلم ليوسف قائلا : عد إلى اليهوديّة ، لأنّه قد مات الذين كانوا يريدون قتل الصّبي. فأخذ يوسف الطفل ومريم ـ وكان الطفل بالغا سبع سنين من العمر ـ وجاء إلى اليهوديّة ، حيث سمع أنّ أرخيلاوس بن هيروديس صار حاكما فيها. فذهب إلى الجليل لأنّه خاف البقاء في اليهودية (أورشليم) فذهبوا ليسكنوا في الناصرة.
وهكذا يبدو من ظاهر تعبير القرآن : قال تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا. فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً. فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) ...
(قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا ...)
__________________
(١) إنجيل متى ، إصحاح ١ و ٢.