قال صاحب كتاب «الفارق بين المخلوق والخالق» : ما جاء في إنجيل لوقا (ص ١ : ٣٢) : «وابن العليّ يدعى». هذه الجملة منتزعة من قول زكريّا عليهالسلام في ابنه يحيى : «وأنت أيّها الصّبي نبيّ العليّ تدعى» (لوقا ١ ص ١ : ٧٦) ، فحرّفت في حقّ عيسى عليهالسلام إلى قول لوقا على لسان الملك : «وابن العليّ يدعى» ليوهموا الناس أنّ المسيح إله ابن إله. (١)
وثانيا : قوله : «هذا يكون عظيما ، وابن العليّ يدعى ، ويعطيه الربّ الإله كرسي داود أبيه ، ويملك على بيت يعقوب ولا يكون لملكه نهاية» ...
قال الاستاذ النجّار : إنّ هذه العبارات تفرّد بها لوقا ، ولم يذكرها أحد من كتّاب الأناجيل سواه ، ونحن لا نقول بأنّ الإلهام قصّر معهم ـ وفيهم أصحاب المسيح المشاهدون لأحواله العالمون بشأنه ـ وأفاض على لوقا الذي ليس تلميذا ولا من الاثني عشر ، بل رجل دخل في الدين متأخّرا وصار تلميذا لبولس الذي لم ير المسيح ولم يعاشره. فهذه العبارة ممّا جاء به ليزيّن أمر المسيح ويدخل على الناس تعظيمه ، والمسيح ليس في حاجة إلى ذلك.
وقد طعن صاحب كتاب «الفاروق» على هذه الجملة «ويعطيه الإله كرسي داود أبيه» بوجهين وجيهين :
الأول : أنّ عيسى عليهالسلام من أولاد الملك «يهوياقيم» (٢) ولا يصلح أن يجلس على كرسيّ داود ، لأنّه لمّا أحرق الصحيفة التي كتبها «بارخ» من فم النبيّ «أرمياء» نزل الوحي : «قال الربّ عن يهوياقيم (يواقيم) ملك يهوذا ، لا يكون له جالس على كرسيّ داود». (٣)
الثاني : أنّ المسيح ـ مع كونه لم يجلس على كرسيّ داود ـ أمر «بيلاطس» بضربه وإهانته ، وسلّمه إلى اليهود ـ كما يزعمه النصارى ـ ففعلوا به ما فعلوا وصلبوه.
على أنّه يبدو من إنجيل يوحنا (١ ص ٦) أنّه كان هاربا من قومه عند ما أرادوا أن
__________________
(١) راجع : قصص الأنبياء للنجّار ، ص ٣٧٨.
(٢) في إنجيل متّى : الإصحاح الأوّل : إنّه من ذرّية «ألياقين». وقد غيّر فرعون مصر اسمه إلى «يهوياقيم». (قاموس الكتاب المقدّس ، ص ٩٨٦). وراجع : سفر الملوك ٢ ، إصحاح ٢٣ / ٣٤.
(٣) كتاب أرمياء ، إصحاح ٣٦ / ٣٠.