العذراء ـ العائشة بكلّ طهر بدون أدنى ذنب ، المنزّهة عن اللوم ، المثابرة على الصلاة مع الصوم ـ يوما ما وحدها وإذا بالملاك جبرائيل قد دخل مخدعها وسلّم عليها قائلا : ليكن الله معك يا مريم. فارتاعت العذراء من ظهور الملاك ، ولكن الملاك سكن روعها قائلا : لا تخافي يا مريم ، لأنّك قد نلت نعمة من لدن الله الذي اختارك لتكوني أمّ نبيّ يبعثه إلى شعب إسرائيل ، ليسلكوا في شرائعه بإخلاص. فأجابت العذراء : وكيف ألد بنين وأنا لا أعرف رجلا؟! فأجاب الملاك : يا مريم إنّ الله الذي صنع الإنسان من غير إنسان لقادر أن يخلق فيك إنسانا من غير إنسان ، لأنّه لا محال عنده. فأجابت مريم : إنّي لعالمة أنّ الله قدير ، فلتكن مشيئته. فقال الملاك : كوني حاملا بالنبيّ الذي ستدعينه يسوع. فامنعيه الخمر والمسكر وكلّ لحم نجس ، لأنّ الطفل قدّوس الله. فانحنت مريم بضعة قائلة : ها أنا ذا أمة الله ، فليكن بحسب كلمتك. (١)
* * *
قلت : ما جاء في إنجيل برنابا أسلم وأوفق بالاعتبار ممّا جاء في إنجيلي لوقا ومتّى.
أولا : جاء في إنجيل لوقا : «القدّوس المولود منك يدعى ابن الله». (٢)
وفيه أيضا : أنّ مريم لمّا أتت خالتها «اليصابات» باركتها ووصفتها بأنّها أمّ ربّها : «وقالت : أنت مباركة في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك. فمن أين لي هذا أن تأتي أمّ ربي إليّ». (٣)
وهذا شيء غريب ، كيف يكون المولود من امرأة ابنا لله ، بحجة أنّه لم يولد من أب؟! إذن لكان الأولى أن يكون آدم ابنا لله ، حيث لم يلده أب ولا أمّ.
ثم كيف أصبح هذا المولود من غير أب إلها من دون الله؟! الأمر الذي يرفضه العقل الرشيد.
__________________
(١) راجع : قصص الأنبياء للنجّار ، ص ٣٧٧.
(٢) إنجيل لوقا ، الإصحاح ١ / ٣٥.
(٣) إنجيل لوقا ، الإصحاح ١ / ٤٢ و ٤٣.