ليست نصّا فيما أجمع عليه المفسّرون ، وتبعهم عليه الاستاذ الإمام. (١)
وكذا قول سيّدنا الطباطبائي : هذا التأويل وصرف الآية عن ظاهرها والقول بأنّ بني إسرائيل كانوا في أصل الجبل فزلزل وزعزع حتّى أطلّ رأسه عليهم فظنّوا أنّه واقع بهم فعبّر عنها برفعه فوقهم أو نتقه فوقهم ، مبنيّ على أصل إنكار المعجزات وخوارق العادات. (٢) وكلام سيّدنا الطباطبائي هنا يشعر باعتماده للروايات المأثورة والاستناد إليها في تفسير القرآن بما لا صراحة فيه ، بل ولا ظهورا قويّا يمكن الاعتماد عليه. وليس ذلك سوى تفسير القرآن بالروايات الضعيفة ، الأمر الذي يبدو خلاف مسلكه في التفسير ... ولا سيّما إذا لم يكن للروايات أصل معتمد في أحاديث أئمّة أهل البيت عليهمالسلام.
قال ـ في غير هذا الموضع ـ : إنّ أخبار الآحاد لا حجّية فيها في غير الأحكام الشرعية ، فإنّ حقيقة الجعل التشريعي (الحجّية التعبّدية لخبر الواحد) معناه : ترتيب أثر الواقع على الحجّة الظاهرية ، وهو متوقّف على وجود أثر عملي للحجّة ، كما في الأحكام والتكاليف ، وأمّا غير ذلك فلا أثر فيه حتّى يترتّب على جعل الحجّية. مثلا : إذا وردت الرواية بأنّ البسملة جزء من السورة كان معنى ذلك وجوب الإتيان بها في القراءة في الصلاة. وأمّا إذا ورد ـ مثلا ـ أنّ السامري كان رجلا من بلدة كذا ، وهو خبر ظنّي ، كان معنى جعل حجيّته أن يجعل الظنّ بمضمونه قطعا ، وهو حكم تكويني ممتنع وليس من التشريع في شيء. (٣)
قلت : والأمر في الآية هنا أيضا كذلك ، لأنّ المسألة مسألة فهم المعنى من ظاهر اللفظ ، أي إذعان النفس بذلك ، الأمر الذي لا مجال للتعبّد فيه. حيث الآية في سورة الأعراف استعملت لفظ النتوق مصحوبا بالتشبيه بالظلّة (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ). ثم أردفه بقوله : (وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ).
ونتق الجراب أي نفضه بمعنى : حرّكه ليزول عنه الغبار ونحوه. ونتق الشيء : فتقه ،
__________________
(١) هامش قصص الأنبياء للنجّار ، ص ٢٣١.
(٢) الميزان ، ج ١ ، ص ٢٠٠.
(٣) الميزان ، ج ١٤ ، ص ٢٢٢.