بهم وينقضّ عليهم. ويجوز أنّ ذلك كان في أثر زلزال تزعزع له الجبل ... وإذا صحّ هذا التأويل لا يكون منكر ارتفاع الجبل في الهواء مكذّبا للقرآن. (١)
* * *
كما ولم يأت في شيء من روايات صحيحة الإسناد إلى أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ما يدلّ على أنّ جبل الطور اقتلع من مكانه فرفع في السماء فوق رءوس القوم ، سوى ما جاء في تفسير مجهول منسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام من أنّ الله أمر جبرائيل فقطع بجناح من أجنحته من جبل من جبال فلسطين على قدر معسكر موسى عليهالسلام وكان طوله في عرضه فرسخا في فرسخ ، ثم جاء به فوق المعسكر على رءوسهم ، وقال : إمّا أن تقبلوا ما آتاكم به موسى وإمّا وضعت عليكم الجبل فطحطحتكم تحته ...
وفي كتاب الاحتجاج (لم يعرف مؤلّفه) روى مرسلا عن أبي بصير قال : سأل طاوس اليماني الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام عن طائر طار مرّة ولم يطر قبلها ولا بعدها ، ذكره الله في القرآن ، ما هو؟ فقال : طور سيناء ، أطاره الله على بني إسرائيل حين أظلّهم بجناح فيه ألوان العذاب ، حتى قبلوا التوراة ... (٢)
* * *
إذن ، فالروايات من طرق الفريقين لا أساس لها ولا يمكن الاعتماد عليها في تفسير الذكر الحكيم. ولذا فمن الغريب ما نجده من لجنة علماء الأزهر اعتراضهم على الاستاذ النجّار في رفضه الأخذ بأقوال المفسّرين هنا. قالوا : لم يسع السيّد رشيدا ومؤلف هذا الكتاب (أي الاستاذ النجّار) ما وسع الاستاذ الإمام في موافقة جميع المفسّرين على أنّ رفع الطور آية كونية ، أي أنّه انتزع من الأرض وصار معلّقا فوقهم في الهواء. مع اعتراف الأوّل (أي السيّد رشيد) بأنّه المتبادر من الآيتين بمعونة السياق. بل أبديا (رشيد والنجّار) احتمالا مخترعا في الآيتين أخرجاهما عن إفادة تلك الآية الكونية ، بحجّة أنّ ألفاظهما
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ١ ، ص ٣٤٢ ـ ٣٤٣.
(٢) راجع : تفسير البرهان للبحراني ، ج ١ ، ص ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، رقم ٩ ، وج ٣ ، ص ٢٣٤ ، رقم ١.