المستشرقين بحجّة أنّه لم يأت ذكره في العهد القديم ـ (١) عورض أيضا بأنّه من التعنيف على التكليف. (٢)
وجاء ذكر هذا الحادث في القرآن في موضعين :
١ ـ سورة البقرة : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ). (٣)
٢ ـ سورة الأعراف : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). (٤)
ليس في الآيتين سوى اقتلاع جزء عظيم من أعالى الجبل أثناء رجفة أو زلزال ، رأوه بأعينهم وهم مجتمعون في سفح الجبل ، وانحدر هابطا ليتوقّف في الأثناء وكانت وقفته بصورة عمودية ، مطلّا عليهم جانبيّا فظنّوا أنّه واقع بهم. وصادف ذلك أن كان عند أخذ الميثاق منهم على العمل بشريعة التوراة. ولعلّ في هذه المصادفة حكمة إلهية بالغة ، ليريهم من آيات كونية موجّهة لضمير الإنسان إلى جانب ضعف مقدرته تجاه إرادة الله القادر الحكيم.
وهذا من قبيل إراءة المعاجز على أيدي الأنبياء ، إيقاظا للضمير وليس إكراها على التسليم.
وفي هذا المقدار من دلالة الآيتين توافق مع ما جاء في العهد القديم. فقد جاء في سفر الخروج :
فانحدر موسى من الجبل ـ الطور ـ إلى الشعب وقدّس الشعب وغسلوا ثيابهم ، وقال للشعب : كونوا مستعدّين لليوم الثالث ، لا تقربوا امرأة. وحدث في اليوم الثالث لمّا
__________________
(١) راجع : مصادر الإسلام لتسدال ، ص ١٤ فما بعد ؛ وآراء المستشرقين حول القرآن ، ج ١ ، ص ٣٤٨.
(٢) راجع : تفسير المنار ، ج ١ ، ص ٣٤٠ ؛ وتفسير الميزان للطباطبائي ، ج ١ ، ص ٢٠٠.
(٣) البقرة ٢ : ٦٣ و ٦٤.
(٤) الأعراف ٧ : ١٧١.