المقدوني ، والتي لا تدع مجالا لاحتمال كونه ذا القرنين المذكور في القرآن
، ولا احتمال أن يكون هناك إسكندران : روميّ ويونانيّ ـ كما حسبه البعض ـ لأنّ
القضية تعود إلى وثائق التاريخ وليس هناك عبث في الكلام ...
ومن المعاصرين
، ذهب الاستاذ محمد جمال الدين القاسمي (ت ١٣٢٢ ه) إلى أنّ ذا القرنين الذي جاء
ذكره في القرآن ، هو الإسكندر الكبير المقدوني.
يقول : اتّفق
المحقّقون على أنّ اسمه (ذا القرنين) الإسكندر الأكبر ابن فيلبس باني الإسكندريّة
بتسعمائة وأربعة وخمسين سنة (٩٥٤) قبل الهجرة ، وثلاثمائة واثنين وثلاثين (٣٣٢)
سنة قبل ميلاد المسيح عليهالسلام.
وردّ على ابن
القيّم ابن الجوزيّة في زعمه : أنّه سبق هذا الإسكندر بقرون كثيرة ...
قال ابن قيّم ـ
في كتابه «إغاثة اللهفان» في الكلام على الفلاسفة ـ : ومن ملوكهم الإسكندر
المقدونيّ وهو ابن فيلبس ، وليس بالإسكندر ذي القرنين الذي قصّ الله تعالى نبأه في
القرآن ، بل بينهما قرون كثيرة ، وبينهما في الدين أعظم تباين. فذو القرنين ـ في
القرآن ـ كان رجلا صالحا موحّدا لله تعالى ، يؤمن بالله تعالى وملائكته وكتبه
ورسله واليوم الآخر. وكان يغزو عبّاد الأصنام ، وبلغ مشارق الأرض ومغاربها ، وبنى
السدّ بين الناس وبين يأجوج ومأجوج. وأمّا هذا المقدونيّ فكان مشركا يعبد الأصنام
هو وأهل مملكته. وكان بينه وبين المسيح نحو ألف وستّمائة سنة (!!). والنصارى تؤرّخ له. وكان أرسطاطاليس وزيره وكان مشركا
يعبد الأصنام ...
وهنا يأتي
القاسمي ليردّ عليه قائلا : إنّ المرجع هم أئمّة التاريخ ، وقد أطبقوا على أنّه (أي
ذي القرنين) هو الإسكندر الأكبر ابن فيلبس باني الإسكندرية. وقد أصبح ذلك من
الأوّليّات عند علماء الجغرافيا.
... وأمّا ما
جاء في وصفه في القرآن ، فلعلّه لخصال حسان لا تمسّ جانب عبادته
__________________