للأوثان ... بل لعلّه من المحتمل أنّه خالف شعبه وتبع استاذه في التوحيد ، كما قيل. (١)
وهكذا ذكر الاستاذ محمد فريد وجدي : لا ينافي أن يكون المقصود بذي القرنين هو الإسكندر المقدوني ، على ما كان فيه من الشذوذ في بعض الامور. (٢)
هذا وإنّا لنستغرب صدور مثل هذا الكلام من مثل القاسمي والوجدي وقد عاشا القرن العشرين ودرسا أساليب النقد التاريخي الصحيح ، وعرفا من الإسكندر المقدوني ذلك الطاغية الذي عاش حياته القصيرة في الترف والزهو وقد أبطرته النعمة وأطغته العظمة ، فعلا في الأرض واستكبر وأفسد فيها وأهلك الحرث والنسل وحاول إبادة الحضارات والثقافات واصول الديانات وأحرق المكتبات ، وانهمك على اللذّات واللهو العارم ، فأنشأ لنفسه سرايا على نسق ملوك الشرق المبطرين ، وأحاط نفسه بالندمان وأهل الخلاعة ، وتغلغل في متاهات الغلوّ ، حتّى ادّعى أنّه هو وحده يرجع إليه الفضل في تلك الفتوحات. ثمّ تنمّر حتى ادّعى أنّه ابن الإله «جوبة» ودعا إلى عبادته. (٣)
تسع آيات إلى فرعون وقومه! (٤)
وهناك من أصحاب الفكر الإسلامي الحديث ـ حسب مصطلحهم ـ من يستنكر على القائل بأنّ تلك الآيات حوادث واقعة ، ويراها قصصا شعبيّة تسلّمها الخصوم فاستغلّها القرآن جدلا بالتي هي أحسن!
يقول الاستاذ خليل عبد الكريم ـ ردّا على الاستاذ محمد أحمد خلف الله ، مذهبه في إضفاء الصفة التاريخيّة على هذه الأحداث ـ : أمّا الأوعر من ذلك فإنّه (الاستاذ خلف الله) يعتبر حكاية موسى وفرعون ، وخروج بني إسرائيل من مصر ، وضرب ملأ فرعون بالجراد والقمّل والضفادع والدّم ، وتحدّي موسى للسحرة ، وانقلاب العصي إلى حيّة أو
__________________
(١) تفسير القاسمي ، ج ٥ ، ص ٥٨.
(٢) دائرة معارف القرن العشرين ، ج ١ ، ص ٣٢٥.
(٣) راجع : البحر الزاخر ، في تاريخ العالم وأخبار الأوائل والأواخر لمحمود فهمي المهندس ، ج ٢ ، ص ١٣٦ ـ ١٣٧ و ١٥٠ ـ ١٥١. (محمد خير رمضان ، ص ١٤٦ ـ ١٤٧).
(٤) النمل ٢٧ : ١٢. الإسراء ١٧ : ١٠١ : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ ، فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ : إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً). راجع : قصص الأنبياء للاستاذ النجّار ، ص ١٩٧ ـ ١٩٨.