تفسيره «روح المعاني» يسرد الأقوال بشأن شخصية ذي القرنين ، وينتهي أخيرا بأنّه الإسكندر المقدوني ـ الموصوف تارة باليوناني واخرى بالرومي ـ يقول : وكأنّي بك بعد الاطّلاع على الأقوال ، وما لها وما عليها ، تختار أنّه إسكندر بن فليقوس الذي غلب «دارا» ملك فارس وأنّه كان مؤمنا لم يرتكب مكفّرا من عقد أو قول أو فعل ... أمّا تلمذته على أرسطو فلا تمنع من ذلك ، فقد تتلمذ الأشعري على المعتزلة ، كما خالف أرسطو استاذه أفلاطون في كثير من المسائل ... هذا وقد ذكر الفيلسوف صدر الدين الشيرازي أنّ أرسطو كان حكيما عابدا موحّدا قائلا بحدوث العالم ودثوره ... (١)
وسبقهم إلى ذلك أصحاب التفسير بالمأثور :
جاء في تفسير مقاتل بن سليمان البلخي (ت ١٥٠) : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ)(٢) يعنى : الإسكندر قيصر! ويسمّى الملك القابض على قاف ، وهو جبل محيط بالعالم. وذو القرنين ، لأنّه أتى قرني الشمس : المشرق والمغرب ... (٣)
وفي تفسير أبي جعفر الطبري (ت ٣١٠) : «كان شابّا من الروم ، فجاء وبنى مدينة الإسكندريّة»! (٤)
وفي تفسير الماوردي أبي الحسن علي بن محمّد البصري (ت ٤٥٠) : «قال معاذ بن جبل : كان روميّا اسمه الإسكندروس. قال ابن هشام : هو الإسكندر ، وهو الذي بنى الإسكندرية». (٥)
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن قتادة : الإسكندر هو ذو القرنين.
وعن وهب بن منبّه : كان ذو القرنين رجلا من الروم. وكان اسمه الإسكندر. وإنّما سمّي ذا القرنين ، لأنّ صفحتي رأسه كانتا من نحاس!
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن السدّي والحسن : كان أنف الإسكندر ثلاثة أذرع. وعن عبيد بن يعلى : كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة! (٦)
__________________
(١) روح المعاني ، ج ١٦ ، ص ٢٨.
(٢) الكهف ١٨ : ٨٣.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان ، ج ٢ ، ص ٥٩٩.
(٤) جامع البيان ، ج ١٦ ، ص ٧.
(٥) تفسير الماوردي (النكت والعيون) ، ج ٣ ، ص ٣٣٧.
(٦) الدرّ المنثور ، ج ٥ ، ص ٤٣٨ ـ ٤٣٩.