«يا معشر أياد! أين الصعب ذو القرنين ، ملك الخافقين ، وأذلّ الثّقلين ، وعمّر ألفين ، ثمّ كان ذلك كلحظة عين ...».
وأنشد ابن هشام للأعشى :
والصعب ذو القرنين أصبح ثاويا |
|
بالحنو في جدث أميم مقيم |
قوله بالحنو ، يريد : حنو قراقر ، الذي مات فيه ذو القرنين بالعراق. (١)
وسننبّه : أنّ تلك الأبيات وهذه الخطبة من مختلقات الأواخر ، وليس عليها صبغة جاهليّة قديمة.
وأغرب منه ما ذكره المفجّع في أخبار ملوك اليمن. قال : لمّا مات «ياسر ينعم» (٢٥٠ ـ ٢٧٥ م) آخر ملوك حمير من الطبقة الاولى ، قام من بعده «شمر يرعش» (٢٧٥ ـ ٣٠٠ م) ـ أوّل ملوكهم من الطبقة الثانية ـ فجمع جنوده وسار في (٠٠٠ / ٥٠٠) خمسمائة ألف رجل حتى ورد العراق ، فأعطاه «يشتاسف» (عامل ملوك الفرس على العراق) الطاعة ... فسار لا يصدّه شيء نحو بلاد الصّين ، فلمّا صار بالصغد تحصّن أهلها بمدينة «سمرقند» فاستنزلهم من غير أمان وقتل منهم مقتلة عظيمة وأمر بالمدينة فهدمت ، فسمّيت : شمركند ، فعرّبتها العرب «سمرقند». ولكنّه مات هو وجنوده في طريقهم إلى الصّين ...
فبقيت سمرقند خرابا إلى أن ملك «تبّع الأقرن» (ثالث ملوك حمير بعد شمر يرعش ـ على رواية حمزة الأصفهاني) فتجهّز نحو الصّين ، فورد العراق ، فأعطاه «بهمن بن اسفنديار» الطاعة. حتى وصل إلى سمرقند فوجدها خرابا فأمر بعمارتها ، وسار حتى أتى بلادا واسعة فبنى «التبّت» ، ثمّ قصد الصين فقتل وسبى وأحرق ، وعاد إلى اليمن مظفّرا ... وعن الأصمعي : على باب سمرقند نقوش وكتابات بالحميرية تعيّن أبعاد البلاد عنها ... (٢)
__________________
(١) الروض الأنف للسهيلي ، ج ٢ ، ص ٥٩.
(٢) أورده ياقوت في معجم البلدان بشأن مدينة سمرقند ، ج ٣ ، ص ٢٤٧ ـ ٢٤٨ ؛ وراجع : العرب قبل الإسلام ، ص ١٢٣ و ١٤٣ ـ ١٤٤.