فضلا عن غيرهم من عرب الجزيرة.
وأمّا أنّ كورش نفسه ، لم لم يذكر ضمن مفاخره بناء ذلك السدّ العظيم ، فالأمر أيضا واضح ، بعد أن علمنا أنّ بناء السّدّ كان من اخريات أعماله الضخمة ، والذي كان حتفه فيه ولم يمهله الأجل لتسجيله ، كما سجّل غيره من أعمال ...
والعمدة في التدليل على عمليّة السدّ على يد كورش ، ما ذكره الاستاذ خضر بهذا الشأن ، قال :
«وقد رأينا خلال السرد التاريخي أنّ القبائل المغوليّة كانت لا تتكاسل عن الانقضاض على مناطق آسيا الغربيّة خلال القرن السادس قبل الميلاد. وكلّ صفحات التاريخ تذكر لنا أن ثمّة توقّف مفاجئ حدث في عمليّة تدفّق هذه القبائل البدائيّة المتوحّشة. وتشير أصابع الدقّة التاريخيّة نحو الحقبة التي ظهر فيها كورش الأخميني أو الهخامنشي. (١) ...
هذا بعد أن لم نعرف في التاريخ القديم ما يصلح تفسيرا تطبيقيّا للآية سوى ما عرفناه بشأن كورش العظيم ، فلعلّه هو ذو القرنين الذي جاء ذكره في القرآن ـ حيث الأكثر انطباقا عليه ـ والله العالم بحقيقة الحال.
سدّ مأرب العظيم!
وحيث جرى الحديث عن سدّ ذي القرنين ، كان المناسب التحدّث عن سدّ مأرب وقد اشتبه الأمر على بعضهم فحسبه هو المنسوب إلى ذي القرنين.
قال الحموي : هو بين ثلاثة جبال يصبّ ماء السيل إلى موضع واحد ، وليس لذلك الماء مخرج إلّا من جهة واحدة ، فكان الأوائل قد سدّوا ذلك الموضع بالحجارة الصلبة والرصاص (الصاروج) فيجتمع فيه ماء عيون هناك ، مع ما يفيض من مياه السيول ، فيصير خلف السّدّ كالبحر ، فكانوا إذا أرادوا سقي زروعهم فتحوا من ذلك السّدّ بقدر حاجتهم
__________________
(١) مفاهيم جغرافية ، ص ٣١٢.