«يقول الملك داريوش : «آهورامزدا» هو الذي منحني بفضله الملك وغمرني بتوفيقه لإشادة مباني العدل وسيادة الصلح والأمن في كلّ البلاد وفي كلّ أصقاع الأرض ... فيا آهورامزدا! أعنّي وأهلي وكلّ أهل الأرض الذين جعلتهم تحت سلطاني ، لنكون في حمايتك وحراستك ، ربّ كما دعوتك فاستجب لي دعائي ...».
وفي ثالثة :
«أيّها الإنسان ، أقول لك ما أمرني الإله «آهورامزدا» : كن على الصراط المستقيم ولا تحد عنه شيئا ، ولا تظنّ بأحد ظنّ سوء ، ومن الأجرام والآثام فاحترز وكن على حذر ...».
يقول الاستاذ آزاد : ولا تنس أنّ داريوش هو من بني أعمام كورش ، وتسنّم الحكم بعده بثماني سنوات ، ومن ثمّ فما يقوله داريوش ، هو في الحقيقة لسان حال سلفه كورش ، وكلّ ما ذكره داريوش وتضرّع إلى الله مبتهلا : أنّ توفيقاته على القيام بمهامّ الامور إنّما هي بفضله ورحمته تعالى ... أفهل لا يكون ذلك متصادقا مع ما ذكره القرآن الكريم عن لسان ذي القرنين : (هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي)!. (١)
وقد مرّ عليك منشور كورش بشأن الأسرى اليهود وإعادة بناء الهيكل في اورشليم : «هكذا قال كورش ملك فارس : جميع ممالك الأرض دفعها لي الربّ إله السماء ، وهو أوصاني أن أبني له بيتا في اورشليم التي في يهوذا ...». (٢)
هنا ملحوظة؟
إنّ كارثة الإسكندر المقدوني الفضيعة ، والتي اصيبت بها إمبراطوريّة فارس ذاك العهد ، هي بعينها ككارثة بخت نصّر الفجيعة ، والتي اصيب بها القدس وجامعة اليهود في حينها ... فقد أبادت وكسحت كلّ معالم الحضارة في المنطقة ، ومزّقتها شرّ ممزّق ، فلم تبق
__________________
(١) الكهف ١٨ : ٩٨. راجع : كورش الكبير (ذو القرنين) ، ص ٢٦٢ ـ ٢٦٣.
(٢) سفر عزرا ـ الأصحاح الأوّل.