ويقول الاستاذ أبو الكلام آزاد : إنّ أهمّ شيء في وصف ذي القرنين ـ حسبما جاء في القرآن الكريم ـ هو : خلوص نيّته وطهارة إيمانه بالله ، وتمجيده لساحة قدسه تعالى ، وعقيدته بالحياة الاخرى ... فهل هذه الصفات تتصادق مع سمات كورش؟
ولعلّ القرائن والشواهد الراهنة في حياة كورش ، تؤيّد جانب الإثبات ، وأنّ سماته نفس السمات والصفات المذكورة في وصف ذي القرنين ...
واولى هذه الشواهد ، هي عقيدة اليهود بشأنه ، حتى جعلوه المنجي المنتظر من قبل الله ، ورفعوه إلى منزلة المسيح ، أي الصفوة من أوليائه المخلصين.
ولا شكّ أنّ اليهود يصعب عليهم الإيمان برجل هو خارج مذهبهم في الإيمان بالله تعالى فضلا عن عابد وثن أو ساجد نار ...
وأيضا فمن المقطوع به أنّ كورش كان على دين «زردشت» وهو دين التوحيد والعقيدة بوحي السماء ويوم الجزاء والدعوة إلى الطهارة والقداسة في الحياة .. وكان لا بدّ أنّ كورش كان يستقي في أخلاقه الكريمة من هذا المعين الصافي والضافي بمكارم الأخلاق ، والتي منها الدعوة إلى رءوس الأخلاق الثلاثة :
١ ـ «هو مت (پندار نيك)» : صدق النيّة.
٢ ـ «هوخت (گفتار نيك)» : صدق القول.
٣ ـ «هو ورشت (كردار نيك)» : صدق العمل.
هذا هو أساس تعاليم زردشت الدينيّة ، ومن مثل هذه الأخلاق يمكن أن يتكوّن مزاج كورش الملكي الفخيم!
قال : فإن كان ذو القرنين يدين بدين «مزديسنا» أي بالدين الزردشتي ، ويثبت له القرآن الإيمان بالله واليوم الآخر ، ليس هذا فحسب ، بل يجعله من الملهمين من عند الله ، أفلا يلزم من هذا أنّ دين زردشت كان دينا صحيحا إلهيّا؟ أجل ، يلزم هذا ، وليس هنالك ما يحملنا على رفض هذا اللزوم ، لأنّه قد ثبت الآن نهائيّا أنّ دين زردشت كان دين