فلو افترضنا أنّ العمالة كانت تمثّل بنسبة ٦% من السكّان ، لعرفنا أنّ العمالة التي تقدّر للاشتراك في بناء السدّ ما يزيد على (٠٠٠ / ١٠٠) مائة ألف عامل.
وهذا العدد يمكنه بالفعل إنجاز العمل في سدّ ثغرة «داريال» لمدّة عشر سنوات تقريبا.
والموادّ الخام التي شيّد منها سدّ ذي القرنين حسب وصف القرآن الكريم : خامات الحديد.
تحتوي أراضي آذربيجان على معادن الحديد بكمّيات كبيرة ، ويشهد لذلك قيام صناعة الحديد والصلب الآن في مدينة «باكو». فإذا كان الإقليم غنيّا به الآن فلا شكّ أنّه كان أغنى زمن كورش بالطبع.
أمّا إرمينيّة فغنيّة بمعادنها ، ويكثر بها على وجه الخصوص خام الحديد والنحاس والرصاص والزرنيخ وحجر الشبّ والكبريت والذهب. وابن الفقيه (١) هو الكاتب الإسلامي الوحيد الذي أمدّنا بمعلومات قيّمة عن الثروة المعدنيّة في إرمينيّة.
ويذكر المؤرّخ الأرمني (ليونتيوس) أنّ مناجم الحديد والفضّة في تلك البلاد كشفت حوالي نهاية القرن الثامن للميلاد ، وتدلّ ملامح الأرض على مناطق محفورة في الجبال تشير إلى استنفاد السّكّان الأقدمين لاحتياطي الحديد القديم الذي كان يستخرج في العراء دون عناء كبير. وهي تقع في منتصف الطريق بين أطرابزندة وأرزن الروم. كما يوجد الحديد بوفرة في جورجيا بالقرب من «تسخالطابو» و «محج قلعة» و «دربند» في داغستان وغيرها. وفي مناطق الحدود الإرمينيّة في تركيا إقليم الحديد المشهور الذي يقدّر احتياطيه بحوالي ٢٥ مليون طنّ وتبلغ نسبة الحديد في الفلز ما بين ٦٠ ـ ٦٦% وهي نسبة عالية. وقد استخرج الحيثيّون من آلاف السنين كمّيّات هائلة من الحديد من هذا الإقليم ، وأهمّ مناطق انتاجه الآن هناك إقليم «ديفرجي».
__________________
ـ حساب (O.A.F) المعروف. مفاهيم جغرافية ، ص ٣٠٤. وبذلك يقدّر عدد نفوس العالم سنة (٥٥٠ ق. م) : ١٦٨ مليون نسمة. ويكون قسط إقليم آذربيجان وإرمينيّة وداغستان وجورجيا ذلك العهد ـ على حساب التقسيم على المائة ـ ما يقرب من ٠٠٠ / ١٧٠ نسمة.
(١) كاتب شاعر مجيد من أهل الموصل توفي ٦٣٦ ه / ١٢٣٨ م.