أين السدّ وأين موضعه الآن؟
سبق أن دلّت الشواهد على أنّ موضعه هي الثغرة في ثنايا جبال قوقاز ، كانت تعبرها أقوام وحش للإغارة على المسالمين في الأرض. وعرفت الثغرة باسم مضيق «داريال» حسبما مرّ ، وهي بالقرب من مدينة «تفليس» عاصمة «گرجستان».
لمسنا من المفاهيم القرآنيّة المفسّرة أن لم يكن من سبيل ـ في القرن السادس قبل الميلاد ـ إلى الأمان للشعوب المسالمة البدائيّة الضعيفة جنوب جبال القوقاز (في آذربيجان وجورجيا وإرمينيّة وسواحل جنوب بحر قزوين) إلّا بتشييد سدّ منيع يحكم إغلاق الثغرة بين شطري جبال قوقاز ويحول دون عبور القبائل المغوليّة (القديمة المتوحّشة) للمسلك الجغرافي الوحيد نحو تلكم الشعوب المستضعفة. ويبدو أنّ الحائط الجبلي المذكور في القرآن كان ممتدّا امتدادا عرضيّا كبيرا يفضي من جانبيه إلى بحرين لا يمكن عبورهما (بحر قزوين في الشرق والبحر الأسود في الغرب). لذلك عرض القوم البدائيّون الضعفاء في جنوب جبال قوقاز على ذي القرنين (كورش) بناء سدّ يوقف زحف المتوحّشين تماما.
وقبل أن نتحدّث عن سدّ ذي القرنين وأنّه هل هو سدّ كورش الذي بناه على أقوم استحكام ممّا يتطلّب تقدّما حضاريّا من حيث الإمكانيّات التي قدّمها كورش لانجاز هذا المشروع الجلل والذي يعدّ آية في تاريخ البشريّة الصناعيّة والهندسيّة والعلميّة ... لا بدّ أن نلقي ضوء على المقدرات الفنّية يوم ذاك ولا سيّما في بلاد فارس على عهد كورش أي قبل الميلاد ببضع قرون.
التحضّر البشري في عهد ذي القرنين
يقول الدكتور عبد العليم ـ استاذ الجغرافيا المساعد في جامعة ابن سعود ويحمل شهادة زمالة الجغرافيّين الملكيّة ـ لندن ـ : دراسة جغرافيّة منطقة السّدّ ، دراسة جيولوجيّة واقتصاديّة ، لمعرفة إمكانيّاتها الطبيعيّة والإمكانات البشريّة التي كان من المفروض