النهر بعيدا عن هذا الخليج. (١)
* * *
ثمّ وبعد أن فرغ من أمر آسيا الصغرى ـ الواقعة في غربيّ البلاد ـ توجّه شمالا وفي شرقيّ البلاد. لإخضاع أقوام هناك كانوا قد تعسّفوا وأفسدوا في الأرض ، فحاربهم محاربة عنيفة طالت ثماني سنوات ، حتّى ساد الأمن على تلك البلاد.
ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس (شرقي البلاد) وجدها تطلع على قوم (وحش) لم نجعل لهم من دونها سترا. عن الباقر عليهالسلام : لم يعلموا صنعة البيوت (٢) فلم يعرفوا بناية السقوف والبنيان ، سوى اللجوء إلى الأسراب وغدران المياه من حرارة الشمس. (٣) والمنطقة كانت صحراوية قاحلة ممتدّة من شماليّ بحر قزوين حتّى شواطئ المحيط الهندي وتشمل بلاد «مكران ـ سيستان وبلوجستان». وظلّ كورش يعالج إخضاع تلك الأقوام خلال ثمانية أعوام. (٤)
وقد دلّت الدراسات التي اجريت على قياس الجنس الإنساني سنة ١٩٠١ م بالهند قبل التقسيم وحين كانت صحراء غيدروسيا (مكران ، بلوجستان ، سيستان) تابعة لها على حدود إيران وأفغانستان ، على أنّ السّكّان ينتمون إلى الجنس التركي الإيراني الذي يتّسم بقصر القامة على العموم. ومعظمهم من ذوي الرءوس العريضة ، ويبلغ قياس مخّهم (٨٠ ـ ٨١) وانوفهم طويلة وشعر رأسهم ولحيتهم غزير ولون العيون والشعر أسود غالبا وبشرتهم بيّنة فاتحة وهي تميل إلى الدكنة كلّما اقتربنا من الشاطئ ...
وهذه سمات بقايا قبائل بدائيّة شرسة كانت تعيش بالإقليم منذ (٤٠٠٠) سنة ويمكن تقسيم سلالاتهم إلى البلوش ـ البراهوئي ـ الهنود والبربر.
وقسم من البلوش يعيش الآن في سهل كججهر حتّى خطّ عرض (٣١) شمالا ويقطن عدد كبير منهم السهول الجنوبيّة وشماليّ سندة وناحية يعقوب آباد. أمّا البراهوئي
__________________
(١) مفاهيم جغرافيّة ، ص ٢٣٩ ـ ٢٤٥.
(٢) مجمع البيان ، ج ٦ ، ص ٤٩١.
(٣) عن الحسن وقتادة وابن جريج. والسّرب : الحفير تحت الأرض. النفق.
(٤) راجع : تاريخ إيران ، ص ٦٨.