سهل واسع فيه عشرات من الكهوف الطبيعيّة أو المنقورة ، ولبعضها وجهات منقوشة وجدران أكثرها ظهورا مكان يقال له «الدير». وكانت هذه الكهوف مساكن الحوريّين القدماء ، ويلجأ إليها اليوم بعض المارّة ، فرارا من المطر أو البرد.
ومدينة بطرا ، أو الرقيم أنشأها الأنباط ـ في الجنوب الشرقي من فلسطين ـ مدينة عربيّة قبل القرن الرابع قبل الميلاد ، وظلّت قائمة إلى أوائل القرن الثاني بعده ، إذ دخلت في حوزة الرّومان سنة ١٠٦ م.
وبطرا لفظ يوناني معناه الصخر. وقد سمّي البلد بذلك لأنّ مبانيه منحوتة في الصخر ، واسمها القديم سلع وسالع. ويعني أيضا الصخر. ولا زالت أطلاله إلى اليوم في وادي موسى في الأردن ، ويسمّى أيضا وادي السيق.
والعرب شاهدوا آثار هذه المدينة بعد الإسلام وسمّوها «الرقيم» وهو تعريب أحد أسمائها اليونانية ، لأنّ اليونانيّين كانوا يسمّونها أركه ـ كما تقدّم ـ فحرّفه العرب وقالوا : الرقيم. (١)
وقال المقريزى في عرض كلامه عن التيه : «إنّ بعض المماليك البحريّة هربوا من القاهرة سنة ٦٥٢ ه فمرّت طائفة منهم بالتيه فتاهوا خمسة أيّام ، ثمّ تراءى لهم في اليوم السادس سواد على بعد فقصدوه ، فإذا مدينة عظيمة لها سور وأبواب كلّها من رخام أخضر. فدخلوا بها وطافوا ، فإذا هي قد غلب عليها الرمل حتّى طمّ أسواقها ودورها ، ووجدوا بها أواني وملابس. وكانوا إذا تناولوا منها شيئا تناثر من طول البلى ، ووجدوا في صينيّة بعض البزّازين تسعة دنانير ذهبا عليها صورة غزال وكتابة عبرانية. وحفروا موضعا فإذا حجر على صهريج ماء ، فشربوا ماء أبرد من الثلج. ثمّ خرجوا ومشوا ليلة فإذا بطائفة من العربان ، فحملوهم إلى مدينة الكرك ، فدفعوا الدنانير لبعض الصيارفة ... ودفع لهم في كلّ دينار مائة درهم ... وقيل لهم : إنّ هذه المدينة لها طوفان رمل يزيد تارة وينقص اخرى
__________________
(١) العرب قبل الإسلام ، ص ٨٣ ـ ٨٤.