مصر القديمة ولا إشارة إليه.
وهل نستطيع أن نشطب على كثير من هذه القضايا ـ المقطوع بصحّتها ـ بحجّة أنّها لم تذكر في كتابات الأهرام؟ وهل يمكننا الغضّ عن حادث خروج موسى ببني إسرائيل قاصدا أرض فلسطين ، وقد عبر البحر إلى وادي سيناء مارّا بمضيق من البحر الأحمر في منطقة قريبة من خليج السويس ولعلّه كان متّصلا بالبحيرة المرّة وأصبحت أرضا يابسة وقد اتّخذها موسى معبرا لقومه. والمحلّ مشهور باسمه إلى الآن. (١)
على أنّ إبراهيم وابنيه إسحاق وإسماعيل وكذا موسى وهارون ومن بعدهما من أنبياء ، ملأ بذكرهم الآفاق ، لم يذكرهم التاريخ المسجّل ، فهل يصلح ذلك حجّة للقول بكونهم رجال أساطير؟
هذا ذو القرنين عرف أخيرا أنّه «كورش» الملك الفارسي العظيم وجاء ذكره في كتب العهد القديم وهو الذي فتح بابل عام (٥٣٨ ق م) وأطلق سراح بني إسرائيل من الأسر وحماهم وأسكن قسما منهم في مدينة «شوش» تحت زعامة «دانيال النبيّ» وسرّح الباقي إلى أرض فلسطين بزعامة «عزرا» ليشيد بناء الهيكل وإحياء آثار بني اسرائيل وتجديد بناء البيت المقدس وتعهّد تكاليف عمران تلك البلاد وغير ذلك من أعمال خير قام بها على أساس بسط العدل في الأرض. وبناء السدّ لحماية أقوام مستضعفين عن هجمات قبائل وحشيّة ، كان أحد آثار هذا العمل الخيري. وهذا شيء عرفه الأوائل وعثر عليه أهل التحقيق من المتأخّرين. (٢) ولا تزال الكشوف الأثريّة تطلعنا على غيوب من أسرار هذا القصص القرآني والذي لم يسجّله التاريخ.
ومواضع الغرابة في كلام هذا الكاتب المسترسل (خليل عبد الكريم) كثير سوف ننبؤك عليها ، والآن وقبل كلّ شيء لا بدّ من النظر في أهمّ نقاط ركّز عليها بحثه الحاضر :
__________________
(١) انظر : قصص الأنبياء للاستاذ عبد الوهاب النجار ، ص ٢٠٤.
(٢) راجع : قاموس الكتاب المقدّس ، ص ٧٤٣. وقد قام بهذا التحقيق المولى أبو الكلام آزاد ، العالم الهندي الكبير. راجع : لغت نامه لعلي أكبر دهخدا ، ص ١١٥٦٣ ، ذو القرنين الثاني ، نقلا عن مجلة «ثقافة الهند».