وكذا قصّة ذي القرنين الذي غزا البلاد ودوّخ السلاطين والملوك والأقيال ، وسار إلى الشرق حتّى وصل إلى حدود بلاد يأجوج ومأجوج ، فبنى سدّا منيعا بينه وبينهم ، ومن ضمن ما رآه في رحلاته تلك : الشمس وهي تغرب في عين حمئة.
ومع ذلك يذهب خلف الله إلى أنّ هاتين الحكايتين من صلب التاريخ. فكلّ هذا من قصص الفولكلور الشعبي الذي كان يتناقله عرب الجزيرة أو اليهود وكان معروفا ومحفوظا في عهد محمّد صلىاللهعليهوآله ويردّده الجميع ، فكيف يعتبره خلف الله تاريخا وكيف يعدّ حكايات اللطيفة حينا والمرعبة حينا آخر تاريخا؟
أمّا الأوعر من ذلك فإنّه يعتبر حكاية موسى وفرعون وخروج بني إسرائيل من مصر ، وضرب ملأ فرعون بالجراد والضفادع والقمّل والدّم ، وتحدّي موسى للسحرة ، وانقلاب العصى إلى حيّة وثعبان أو جان ... إلخ. نقول إنّه يعتبر كلّ هذه الحكايات تاريخا ، مع أنّه لا يوجد في العالم بلد أحرص على تدوين تاريخه كتابة كمصر ، وليس في التاريخ المصري شيء منها ، ومع ذلك عدّها المؤلّف قصصا تاريخيّا!
والأشدّ إثارة للدهش أن يضفى صفة التاريخيّة على المحاورة التي دارت بين المستضعفين والمستكبرين ، ثمّ بين هؤلاء الآخرين وبين الشيطان ، أو على سؤال الله عيسى عمّا إذا كان قد طلب من تبعه أن يعبدوه هو وأمّه؟
ويلحق به ما جاء على لسان اليهود أنّهم قتلوا المسيح رسول الله ، فبأيّ مقياس يعدّ هذا تاريخا؟
وهل يمكن للقصص التي أوردنا أمثلة منها أن تنضوي تحت صفة التاريخيّة؟ وبقدر ما أخفق المؤلّف في إفضاء صفة التاريخيّة على هذه القصص ، بقدر ما حالفه التوفيق في القول بأنّها حقيقيّة بحسب اعتقاد المخاطبين بالقرآن المعاصرين لمحمّد!
فعرب الجزيرة آنذاك كانوا يؤمنون بصحّة وقائع قصص عاد وهود وثمود وصالح والناقة وآيات العذاب الأليم ... إلخ.
واليهود يؤمنون بصدق قصّة موسى وفرعون وملئه والضفادع والقمّل والدّم