الإمام الكاظم عليهالسلام : «إنّ الله تبارك وتعالى أكمل للنّاس الحجج بالعقول». (١)
وهذا هو العهد الذي عاهد الله الإنسان عليه ، معنيّا به الفطرة التي فطر الناس عليها. كناية عن العقول التي ركّبت في ذوات الأنفس.
أمّا ما حسبه البعض من إرادة «عالم الذرّ» ـ حسبما جاء في بعض التفاسير ـ وأنّ الله أخرج ذرّيّة آدم من صلبه وأشهدهم على ربوبيّته ... فهذا شيء لا مساس له بالآية الكريمة. ولا كانت الآية مشيرة إليه ، بل ومنافاته مع ظاهر التعبير ، حيث قوله تعالى : (مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ) ، وليس من ظهره فحسب.
القصّة في القرآن حقيقة واقعة
سبق أن نبّهنا أنّ القصّة في القرآن هي حكاية عن أمر واقع ، كانت تجربة مرّت على حياة الإنسان ، إن زاهية أو مريرة ، لغرض الاعتبار بها ، ولا اعتبار بما فرضه الوهم أو تصوّره الخيال!
نعم قصص القرآن حوادث واقعة (تاريخيّة) رسمتها ريشة الفنّ الأدبي في أبدع صورها وأروع أشكالها ، لغرض التأثير على النفوس والأخذ بمجامع القلوب. فهناك مزج بين التاريخ والأدب وليس مجرّد فنّ التمثيل.
ذلك أنّ القرآن استخدم الفنّ في ترويج دعوته ، مع الحفاظ على الواقع المتمثّل به ، لغرض التأكيد على التأثير ، ومتجنّبا مجالات الوهم ومحض الخيال ، إذ لا تأثير لمجرّد الفرض وقد أكّد علماء التربية على مجانبة الابتناء على أساس منهار ، إذ لاقوام لبناء كان أساسه على شرف هار. التربية لها مجال حقيقي في حياة الإنسان ، فلا ينبغي بناؤها على أساس الفرض ممّا لا واقع له سوى الوهم والخيال. وسرعان ما ينهار البناء إذا لم يكن له أساس مكين.
على أنّ القرآن ـ وهو كتاب هداية له دعوة الحقّ ـ في غنى عن التمثّل بمفروضات
__________________
(١) المصدر : ص ١٣.