وذلك لاختلاف الموقف والغرض :
فالاولى في سورة الحج : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً. وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ). (١)
والثانية في سورة فصّلت : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ. فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ. وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ. إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). (٢)
والفارق بين الآيتين هو السياق ، حيث مساق الكلام في الآية الاولى مساق الحديث عن البعث والنشور ، فناسب التعبير بالهمود بعده نشور. والهمود هو الخمود والهدوء يشبه همود الموت.
أمّا الآية الاخرى فسياقها سياق عبادة وضراعة فناسب التعبير بالخشوع ، خشوع الذلّ والاستكان ، يقال : خشعت الأرض إذا يبست ولم تمطر.
والشواهد على ذلك كثيرة ووفيرة في القرآن.
حالات كائنة أبرزها الترسيم
هناك الكثير من قصص قرآنيّة هي ترسيمات لحالات واقعيّة كائنة ، حكاية عن أمر واقع ، وليست مجرّد فرض أو تخييل. وهذا كحديث الأمانة وعرضها على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ، إنّه كان ظلوما
__________________
(١) الحج ٢٢ : ٥.
(٢) فصّلت ٤١ : ٣٧ ـ ٣٩.