وليتأسّوا بمن سلف من الأنبياء والصالحين.
وكذلك ليكون تنبّها للجهّال المعاندين ، فلينظروا في أحوال الماضين من آبائهم وليعتبروا بما اصيبوا من الفشل والخسران ، وأنّ الله تعالى لينصر أولياءه ويكون جنده هم الغالبين.
وأخيرا فإنّها معجزة قرآنيّة يذكر قصص الماضين نقيّة وسليمة من أكدار التحريف والتشويه ، على يد نبيّ أمّي لم يكتب ولم يقرأ الكتب. (١)
اسلوب القصّة في القرآن
إنّ اسلوب القصّة في القرآن جاء متميّزا عن الاسلوب المعروف للقصّة في التراث الأدبي والإنساني ، حيث يكتفي القرآن الكريم بذكر الأحداث بشكل مقتطفات وبصورة إجماليّة أحيانا تاركا التفاصيل ، وأحيانا بشكل متقطّع غير موصول ، واضعا يده على نقاط هي بيت القصيد من القصّة ، وفي الأغلب بشكل الاستطراد في التعرّض لمفاهيم وحقائق وموضوعات عقائديّة أو أخلاقيّة أو كونيّة (سنن الطبيعة) أو شرعيّة ، وغير ذلك من الخصوصيّات التي قد تثير ملاحظة كبيرة حول اسلوب القصّة في القرآن الكريم. وبذلك تخرج عن كونها عملا فنيّا مستقلّا له مميّزاته الخاصّة.
وهذا يعود إلى أنّ القرآن كتاب هداية ، وإنّما استخدم الفنّ لغايته في أمر الهداية ، ومن ثمّ فإنّه يقتصر على موضع الحاجة منه في سبيل تحقيق هدفه الخاصّ ، ولا يعيره اهتماما فيما لا يعود إلى هذا الجانب بالذات.
وشيء آخر ، كان اسلوب القرآن اسلوب خطاب لا اسلوب كتاب ـ كما نبّهنا ـ (٢) فلا ملزم له بسرد القضايا بانتظام وانسجام والإتيان بالتفاصيل والجزئيّات ، كما هو شأن الكتاب ، فلا يراعي فيما يقصّ من قصص ترتيبها الزمني ولا التواصل في ذكر حادثة ، بل
__________________
(١) عن التفسير الكبير ، ج ١٧ ، ص ١٣٥ ، عند تفسير الآية ٧١ من سورة يونس. فيما قصّ الله من حديث نوح عليهالسلام نقلا بتصرّف.
(٢) في الجزء الأوّل من التمهيد.