قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    شبهات وردود حول القرآن الكريم

    شبهات وردود حول القرآن الكريم

    شبهات وردود حول القرآن الكريم

    تحمیل

    شبهات وردود حول القرآن الكريم

    419/607
    *

    حوادث واقعة في سوالف الأيّام ، ممّا فيه العبر والاعتبار للباقين.

    وللقصّة أثرها المباشر في النفوس وآكد في التربية والتعليم ممّا لو كان الكلام عاريا عن شواهد وأمثال. ذلك أنّ النفوس تهفو إلى معرفة ما بين الأحداث وعللها وأسبابها من ربط. وكذا بينها وبين النتائج المترتّبة عليها من علاقة وثيقة. فلو أنّ المتكلّم أبان وجه العلل والأسباب ، وكشف عن النتائج الحاصلة بشكل مستدلّ متين ، ووضع يده على مواضع العبر منها وذوات الاعتبار ، لكان قد اقترب من غايته في تأثير النصح والإرشاد ، في أقرب طريق وأفضل اسلوب مؤثّر.

    قال نظام الدين النيشابوري القمي ، صاحب التفسير : الإنسان قد يذكر معنى فلا يلوح له مبلغ تأثيره ولا مدى تفهيمه كما ينبغي ، حتّى إذا شفّعه بشاهد مثال ولا سيّما قصص الماضين ـ فيما إذا كان بصدد الوعظ والإرشاد ـ فتراه كلاما ذا وقع وتأثير حسبما يراد. ذلك أنّ في الطباع محاولة المحاكاة مع المشهود من جمال أو كمال. فإذا ذكر المعنى وحده كان قد أدركه العقل ، ولكن مع منازعة الخيال ومحاولة رفضه في بادئ الأمر ، أمّا إذا شفّع بذكر شاهد من أحوال الماضين وذكرت الأسباب المؤاتية والنتائج الحاصلة منها ، رغبت النفس في لمسه في ذات ضميره ، فيكون أوقع في النفس وأقرب إلى القبول وإمكان التأثير. ومن ثمّ كان من الضروري الإكثار في القرآن من ذكر القصص والأمثال ، فإنّه الكتاب الّذي انزل تبيانا لكلّ شيء وهدى ورحمة للعالمين. (١)

    وقال الإمام الرازي ـ بصدد بيان فائدة ذكر قصص الأنبياء في القرآن ـ :

    إنّه سبحانه لمّا بالغ في تقرير الدلائل والبيّنات وفي الردّ على شبهات المعاندين ، شفّعها بذكر أحوال الامم السالفة ومواضعهم من الأنبياء ، لغرض أنّ الكلام إذا طال في تقرير نوع من أنواع المعارف ، فربّما حصل نوع من الملال ، وليس إذا حصل انتقال من نوع إلى نوع ، ليزيد طراوة وينشط من رغبة السامعين.

    وأيضا ليكون الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمنون في تسلية عمّا يواجهوه من أذى الأعداء ،

    __________________

    (١) عن تفسير غرائب القرآن للنيشابوري (بهامش الطبري ، ج ١ ، ص ١٩٩ ـ ٢٠٠) بتصرّف وتبيين.