يؤدّي إليه من فساد النظم. قال : والوجه أن تكون «ما» موصولة ، وإنّما اوثرت على «من» لإرادة معنى الوصفية ، كأنّه قيل : والسماء ، والقادر العظيم الذي بناها. ونفس ، والحكيم الباهر الحكمة الذي سوّاها. وفي كلامهم : سبحان ما سخّركنّ لنا. (١)
وقال ـ في تفسير سورة الكافرون ـ : فإن قلت : فلم جاء على «ما» دون «من»؟ قلت : لأنّ المراد الصفة ، كأنّه قال : لا أعبد الباطل ، ولا تعبدون الحقّ. (٢)
وقال الطبرسي ـ في قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ)(٣) ـ : إنّه يجوز أن يكون ذهب به مذهب الجنس ، كما يقول القائل : لا تأخذ ما أخذ أبوك من الإماء. فيذهب مذهب الجنس ثم يفسّره ب «من». (٤)
وأقول ـ توضيحا لذلك ـ : إنّ «ما» قد يراد به الذات ، فذلك الغالب أن يقع على غير ذوي العقول. ولكن قد يقع على ذوي العقول مرادا به الوصف لا الذات ، فذلك هو الشائع واستعمله القرآن. ومنه السؤال عن الماهية أيضا ، يؤتى بما دون «من» وإن كان سؤالا عن ماهية عاقل فيقال : زيد ما هو ، وما هذا الرجل. فإنّ السؤال عن شخصيّته وعن تكوينه الذاتي في أوصافه الخاصّة ، وليس المراد السؤال عن معرفة شخصه ، فلا يصحّ أن يقال في الجواب : إنّه ابن فلان أو من آل فلان. بل ينبغي أن يجاب بما يعرّف شخصيّته الذاتية وأن يؤتى بأوصاف تخصّه.
نعم ، لو اريد السؤال عن شخصه كان يجب أن يقال : من هو ، فيجاب بأنّه ابن فلان أو من آل فلان.
وفي الحديث عن أبى الحسن موسى بن جعفر عن آبائه عليهمالسلام قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله المسجد ، فإذا جماعة قد أطافوا برجل. فقال : ما هذا؟ فقيل : علّامة. قال : وما العلّامة؟ قالوا : أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها وأيّام الجاهلية وبالأشعار والعربية. فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : ذاك علم لا يضرّ من جهله ، ولا ينفع من علمه. (٥)
__________________
(١) الكشّاف ، ج ٤ ، ص ٧٥٩.
(٢) المصدر : ص ٨٠٩.
(٣) النساء ٤ : ٢٢.
(٤) مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٢٧.
(٥) بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ٢١١ عن أمالي الصدوق.