(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ). (١)
وقوله تعالى : (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ). (٢) والمتقدّم : داود وسليمان. (٣)
وهكذا قال أبو البقاء العكبري : قيل : إنّما جمع لأنّ الاثنين جمع. (٤)
قال أبو جعفر الطبري : قال جماعة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله والتابعين لهم بإحسان ومن بعدهم من علماء أهل الإسلام في كلّ زمان : عنى الله جل ثناؤه بقوله (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) اثنين كان الإخوة أو أكثر منهما ، انثيين كانتا أو كنّ إناثا ، أو ذكرين كانا أو كانوا ذكورا ، أو كان أحدهما ذكرا والآخر انثى. واعتلّ كثير ممّن قال ذلك بأنّ ذلك قالته الامّة عن بيان الله جلّ ثناؤه على لسان رسوله صلىاللهعليهوآله ، فنقلته أمّة نبيّه نقلا مستفيضا قطع العذر مجيئه ودفع الشكّ فيه عن قلوب الخلق وروده. (٥)
* * *
وقال أبو بكر الجصّاص : إنّ اسم الإخوة قد يقع على الاثنين ، كما قال تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما)(٦) وهما قلبان. وقال تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ)(٧) ثمّ قال تعالى : (خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ)(٨) فأطلق لفظ الجمع على اثنين. وقال تعالى : (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)(٩) فلو كان أخا وأختا كان حكم الآية جاريا فيهما.
وقد روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «اثنان فما فوقهما جماعة». (١٠)
ولأنّ الاثنين إلى الثلاثة في حكم الجمع أقرب منهما إلى الواحد ، لأن لفظ الجمع موجود فيهما.
__________________
(١) الرحمن ٥٥ : ١٧.
(٢) الأنبياء ٢١ : ٧٨.
(٣) إعراب القرآن ، القسم الثالث ، ص ٧٨٧.
(٤) في كتابه : إملاء ما منّ به الرحمن في إعراب القرآن ، ج ٢ ، ص ١٣٥.
(٥) جامع البيان ، ج ٤ ، ص ١٨٧ ـ ١٨٨.
(٦) التحريم ٦٦ : ٤.
(٧) ص ٣٨ : ٢١.
(٨) ص ٣٨ : ٢٢.
(٩) النساء ٤ : ١٧٦.
(١٠) سنن ابن ماجة ، باب ٢٤٦ ج ١ ، ص ٣٠٨ ، رقم ٩٨١. وقد عقد البخاري بابا جعل ذلك عنوانه : باب ٣٥ الأذان ، ج ١ ، ص ١٦٧. وراجع : فتح البارى ، ج ٢ ، ص ١١٨.