بدليل ذيل الآيات : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). (١) (قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ. قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ). (٢)
وقد وهم من زعم أنّ الخطاب يشترك فيه إبليس أو الحيّة أو غيرهما ، حيث لا تناسب له مع سياق الآيات. (٣)
* * *
قوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما). (٤) زعموا فيه تهافتا ، وكان الوجه أن يقال : اقتتلا ، أو بينهم. فجمع الضمير ثمّ تثنيته تهافت. (٥)
لكن الجمع إنّما هو باعتبار أن الاقتتال يقع بين آحاد المؤمنين من كلّ طائفة. أمّا التصالح فإنّما هو بين الفريقين لا الآحاد. (٦)
جمع يراد به الاثنان فما فوق
قد يعبّر بلفظ الجمع ويراد به مطلق الجمع ، أي الجمع العرفي الصادق من اجتماع اثنين فما فوق ، نظير ضمير المتكلّم مع الغير ، يراد به الاثنان فما فوق. وهذا شائع في سائر اللغات التي لا توجد فيها صيغ للتثنية. والعرب قد تستعمل ذلك حسب العرف العامّ ونظرا للمعنى اللغوي للجمع الصادق مع الاثنين.
قال الطبرسي : والعرب تسمّي الاثنين بلفظ الجمع في كثير من كلامهم. حكى سيبويه أنّهم يقولون : وضعا رحالهما ، يريدون رحلي راحلتيهما. وقال تعالى : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ). (٧) يعني : حكم داود وسليمان. (٨)
__________________
(١) البقرة ٢ : ٣٨.
(٢) الأعراف ٧ : ٢٤ و ٢٥.
(٣) راجع : مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٨٧.
(٤) الحجرات ٤٩ : ٩.
(٥) هاشم العربي في ملحق ترجمة كتاب الإسلام ، ص ٤١٩.
(٦) الهدى إلى دين المصطفى ، ج ١ ، ص ٣٨٤.
(٧) الأنبياء ٢١ : ٧٨.
(٨) مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ١٥.