(وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ). (١)
(وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ. إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ). (٢)
(قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ. قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ. أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ). (٣)
إلى غيرها من آيات جرى فيها الوصف مجرى العقلاء ، لما اضمر التشبيه بهم في النفس ، من باب الاستعارة التخييلية أو الاستعارة بالكناية ، على حدّ تعبيرهم.
مثنّى يراد به الجماعات
كثيرا ما تثنّى ألفاظ يراد بالواحد منها الجمع دون الفرد الحقيقي ، ولذلك قد يعود عليه بضمير الجمع نظرا إلى المعنى ، فاللفظ وإن كان مثنّى لكن يراد به الجمعان ، وهما معا جمع لا محالة.
من ذلك قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ). حيث المراد بالخصمين جماعة الكفّار وجماعة المؤمنين. حيث التخاصم بين الفريقين قائم على ساق. ولذلك تعقّبت الآية بقوله : (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ ... إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ...). (٤)
قال الطبرسي : فالفرق الكافرة خصم ، والمؤمنون خصم ، وقد ذكروا فيما قبل. (٥)
* * *
وهكذا خطابات الجمع الموجّهة إلى آدم وحوّاء يراد بها : آدم وحوّاء وذريّتهما. حيث هبوطهما من الجنّة إلى الأرض هبوط ذرّيّتهما الذين سيولدون منهما أيضا. فالخطاب مع الجمع ـ جماعة بني الإنسان ـ وليس آدم وحوّاء وحدهما.
__________________
(١) الأعراف ٧ : ١٩٧.
(٢) فاطر ٣٥ : ١٣ و ١٤.
(٣) الشعراء ٢٦ : ٧١ ـ ٧٣.
(٤) الحجّ ٢٢ : ١٩ ـ ٢٤.
(٥) مجمع البيان ، ج ٧ ، ص ٧٧.