يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ ...). لأنّ «كلّ دابّة» يشمل الآدميّين ، فغلّب جانبهم. (١)
كما تقول : القوم مع دوابّهم مقبلون ، فمنهم من يسرع ومنهم من يبطئ. (٢)
قال الزمخشري : ولمّا كان اسم الدابّة موقعا على المميّز وغير المميّز غلّب المميّز فأعطى ما وراءه حكمه ، كأنّ الدّوابّ كلّهم مميّزون. (٣)
* * *
وعلى هذا الغرار جرى قوله تعالى في الآية (١١ ـ فصّلت) : (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ). باعتبار ما فيها من ذوي العقول ، ولعلّهم الملائكة المقرّبون المدبّرون لنظام التكوين. قال قطرب : فغلّب حكم العقلاء. (٤)
وجعله الزمخشري من الاستعارة بالكناية وكان الجمع باعتبار المعنى حيث المراد من السماء هي السماوات ، وكذا الأرض فيما حسب. (٥) وسيأتي كلامه.
استعارة تخييليّة
وهي من أجود أنواع الاستعارات ، يضمر في النفس تشبيه شيء بشيء ، ثم يذكر أحد طرفي التشبيه ويذكر له صفة من خواصّ الطرف الآخر ، لتكون دليلا على ذاك التشبيه المضمر في النفس. مثلا : يشبّه المنيّة بسبع ضار مفترس ، ولا يصرّح بهذا التشبيه ، بل يذكر للمنيّة التي هي المشبّه أظفار السبع الضاري :
وإذا المنيّة أنشبت أظفارها |
|
ألفيت كلّ تميمة لا تنفع |
وهذا يسمّى استعارة تخييلية وبالكناية أيضا.
وفي القرآن من هذا النوع من الاستعارة كثير.
من ذلك قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ). (٦)
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٧٧.
(٢) معاني القرآن ، ج ٢ ، ص ٢٥٧.
(٣) الكشّاف ، ج ٣ ، ص ٢٤٦.
(٤) راجع : مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٦ ؛ ومعاني القرآن ، ج ٣ ، ص ١٣.
(٥) الكشّاف ، ج ٤ ، ص ١٩٠.
(٦) الإسراء ١٧ : ٤٤.