(وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ). (١)
لكن نرى أنّه تعالى قد عبّر عنهم بالجمع المؤنّث السالم في مواضع :
جاء في سورة المرسلات : (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً عُذْراً أَوْ نُذْراً). (٢)
وفي سورة النازعات : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً). (٣)
وفي سورة الصافّات : (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا. فَالزَّاجِراتِ زَجْراً. فَالتَّالِياتِ ذِكْراً). (٤)
* قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ). (٥)
وقال : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ). (٦)
فقد جاء بجمع التذكير. لكنّه تعالى في موضع آخر قال : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ). (٧)
(وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ). (٨)
وإليك بعض الكلام في ذلك :
تغليب جانب ذوي العقول
جرت العادة عند العرب وجرى عليها القرآن على تغليب جانب الذكور وكذا جانب ذوي العقول إذا كانوا في الجمع.
وعليه ، فعود الضمير إلى الأسماء في الآية (٣١ و ٣٣ ـ البقرة) إنّما هو باعتبار المسمّيات دون نفس الأسماء. وبما فيها من ذوي العقول ، غلّب جانبهم ، فقال : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ). وقال : (فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ). (٩)
* * *
وهكذا في قوله تعالى في الآية (٤٥ ـ النور) : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ
__________________
(١) شورى ٤٢ : ٥.
(٢) المرسلات ٧٧ : ٥ و ٦.
(٣) النازعات ٧٩ : ٥.
(٤) الصافّات ٣٧ : ١ ـ ٣.
(٥) الأنبياء ٢١ : ٣٣.
(٦) الإسراء ١٧ : ٤٤.
(٧) النور ٢٤ : ٤١.
(٨) الأنبياء ٢١ : ٧٩.
(٩) راجع : مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٧٧ ؛ ومعاني القرآن ، ج ١ ، ص ٢٦ ؛ والكشّاف ، ج ١ ، ص ١٢٦.