(أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها)
قال تعالى : (حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً). (١)
قال المتعرّب : والوجه استطعماهم.
قال العلّامة البلاغي : ولعلّه توهّم أنّ الجملة (استطعما أهلها) جواب «إذا» ، ولم يدر أنّها وصف للقرية (أي القرية التي استطعما أهلها ...). وجواب «إذا» إنّما هو قوله تعالى في آخر الآية : (قالَ لَوْ شِئْتَ ...). (٢)
قال الإمام الرازي : التكرير قد يكون للتأكيد وهو معروف واقع في اللغة كقول الشاعر :
ليت الغراب غداة ينعب دائما |
|
كان الغراب مقطّع الأوداج (٣) |
وقال أبو حيّان الغرناطي : وتكرّر لفظ «أهل» على سبيل التوكيد. وقد يظهر له فائدة عن التوكيد ، وهو أنّهما حين أتيا أهل القرية لم يأتيا جميع أهل القرية ، إنّما أتيا بعضهم ، فلمّا قال «استطعما ...» احتمل أنّهما لم يستطعما إلّا اولئك البعض الذين أتياهم ، فجيء بلفظ «أهلها» ليعمّ جميعهم وأنّهم تتبعوهم واحدا واحدا بالاستطعام منهم فأبوا جميعا أن يضيّفوهما. ولو كان التركيب «استطعماهم» لكان عائدا على اولئك البعض المأتيّين أوّلا فحسب ، وهو خلاف المقصود. (٤)
(إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا)
قالوا : وكان الوجه أن يقول : إنّما الربا مثل البيع!
لكنّهم غفلوا وجه هذا التشبيه ، وذلك أنّ المرابين زعموا تماثل البيع والربا ، فكلّ ما في الربا من آثار وتبعات فإنّها بعينها موجودة في البيع بلا فرق ، ومن ثمّ استغربوا أن يحلّل
__________________
(١) الكهف ١٨ : ٧٧.
(٢) الهدى إلى دين المصطفى ، ج ١ ، ص ٣٨٩.
(٣) التفسير الكبير ، ج ٢١ ، ص ١٥٦.
(٤) تفسير البحر المحيط لأبي حيّان الأندلسي الغرناطي ، ج ٦ ، ص ١٥١.