بحيث لا يوجد لها نظير في جميع القرآن ـ : إنّها بين جارتيها (الآية السابقة عليها واللاحقة لها) كقطعة ديباج رقّع بها ثوب كرباس. قال : وأكثر القرآن على هذه الصفة من عدم القرآن بين آياته ، والانتقال توّا من الأوج إلى الحضيض ومن ذكر الجنّة والمغفرة إلى ذكر المحيض. (١)
(جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ)
الرّيح مؤنّثة. وتوصف بعاصف وعاصفة على سواء. لأنّ العاصف صفة الريح لا غيرها كالحائض للمرأة ، فلا تشتبه بغيرها من غير حاجة إلى التاء الفارقة.
قال ابن منظور : وهي ريح عاصف وعاصفة.
واستعملها القرآن على الوجهين :
(جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ). (٢)
(وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً). (٣)
(قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)(٤)
زعم المتعرّب المتكلّف ـ الأجنبي عن لغة العرب ـ أنّ الحنيفية هي الميل عن الصراط السويّ. وقد استعملها القرآن في غير معناها الأصيل.
قال : وكثيرا ما يستعمل القرآن الألفاظ العربية في غير ما وضعت له. من ذلك تعبيره عن دين إبراهيم بالحنيف يعني به القويم. لكن العرب تعني بالحنف الاعوجاج ، ولذلك تسمّي عابد الوثن حنيفا لميله عن الدين القويم!
وزعم أنّ ذلك ممّا موّهته اليهود على صاحب القرآن فلقّنته ليدعو دين إبراهيم حنيفا ، تعبيرا عليه ليفضح أمره عند العرب ، فانخدع بذلك من غير دراية بمعناه العربي
__________________
(١) ملحق ترجمة كتاب الإسلام ، ص ٤٣٩ وهو آخر رسالته.
(٢) يونس ١٠ : ٢٢.
(٣) الأنبياء ٢١ : ٨١.
(٤) البقرة ٢ : ١٣٥.