الأصيل. (١)
يا لها من جهالة عارمة تنبؤك عن غباوة فاضحة!!
كيف ينخدع نبيّ الإسلام بمفاهيم لغة كان فلذتها ولسان أمّة كان من صميمها ، أفهل يعقل أن يتلاعب اناس أباعد ـ هم جالية المنطقة ـ بذهنيّة فحل فخم كان نابتة الربوة العليّة ، أين العجم من أبناء إسرائيل من العرب من أبناء قريش؟! واين الهجين من العتيق الأصيل؟!
ولعلّ المتعرّب المسكين هو الذي انخدع بتلك التهجينات المفضوحة فحسبها لجّة ، وما هي إلّا سراب فارغ!
كان منذ الجاهلية اناس يدعون بالحنفاء ، حيث تنزّهوا الأدناس ورغبوا في الحنيفيّة البيضاء ، دين إبراهيم الحنيف.
اجتمعت قريش يوما في عيد لهم عند صنم كانوا يعظّمونه وينحرون له ويعكفون عنده ويدورون به ، وكان ذلك عيدا لهم في كلّ سنة يوما ، فخلص منهم أربعة نفر نجيّا. (٢) ثمّ قال بعضهم لبعض : تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض ، قالوا : أجل. ـ وهم : ورقة بن نوفل ، وعبيد الله بن جحش ، وعثمان بن حويرث ، وزيد بن عمرو ، من أفذاذ قريش ـ. فقال بعضهم لبعض : تعلمون والله ما قومكم على شيء! لقد أخطئوا دين أبيهم إبراهيم! ما حجر نطيف به ، لا يسمع ولا يبصر ولا يضرّ ولا ينفع! يا قوم ، التمسوا لأنفسكم دينا ، فإنّكم والله ما أنتم على شيء. فتفرّقوا يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم. (٣)
وهؤلاء ـ وأمثالهم من غيرهم يوم ذاك ـ فارقوا دين قومهم واعتزلوا الوثنية وعبادة الأصنام وأكل الميتة والدم والذبائح على النصب وتقذّروا الفحشاء والمنكرات ووأد البنات وما إليها من عادات جاهلية سيّئة ... وسمّوا بالحنفاء ، حيث اتّباعهم الحنيفية دين
__________________
(١) ملحق ترجمة كتاب الإسلام ، ص ٤٢٤ ـ ٤٢٥.
(٢) أي انفرد منهم هؤلاء الأربعة وجعلوا يتناجون فيما بينهم ، أي يتحدّثون سرّا عن غيرهم.
(٣) راجع : تفصيل القصّة في سيرة ابن هشام ، ج ١ ، ص ٢٣٧ ـ ٢٤٨.