(سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ)(١)
اعترض المتكلّف بأنّه جمع في موضع الإفراد ، والوجه أن يقال : سلام على إلياس. كما أفرد في قوله : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ). (٢) وقوله : (سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ). (٣) و (سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ). (٤) قال : وإنّما ساقه إلى ذلك مراعاة الرويّ. (٥)
وقد فاته أنّ الكلمة أعجمية يجوز التصرّف فيها حيث ساق الكلام وناسب المقام ، عادة جارية عند العرب يتلاعبون باللغات الأجنبية من غير ضابطة تحدّدها ، وقد جرى القرآن على منهجهم في الاستعمال ولا غضاضة ولا سيّما بعد مناسبة رعاية الرويّ.
قال المراغي : إلياسين لغة في إلياس. وكثيرا ما يتصرّفون في الأسماء غير العربية. (٦)
وقال الحجّة البلاغي : وقوله تعالى : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) بعد قوله : (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ). (٧) ذلك لأنّ لاسم هذا الرسول في اللغة العربية تعريبان. كما كان لاسمه في العبرية تعبيران : إلياه وإلياهو (٨) وهو المعروف بإيليا التّشبيّ في العهد القديم. (٩)
هذا ، وقد جرت عادة العرب على استعمال اللغات الأجنبية على غير مقياس واحد ـ ولعلّه امتهان بها ـ ودرجوا على التصرّف فيها حيثما شاءوا وحيثما ساقهم مدارج الكلام.
فقد عرّبوا «درخم» الفهلوية إلى «درهم» وجاء في الشعر «درهام» ، قال الشاعر :
لو أنّ عندي مائتي درهام |
|
لجاز في آفاقها خاتامي |
وعرّبوا «متكسا» اليونانية ومعناه القزّ ، إلى «مدقس» و «دمقس» و «دقمس» و «دمقص» و «دمقاس» وهكذا.
والدرنوك والدرنيك والدرنك والدرموك معرّب من أصل حبشي بمعنى الطنفسة.
والزنجبيل مأخوذ من الفارسيّة (شنگبيل ، شنگوير ، شنگبير وشنگويل) من أصل
__________________
(١) الصافّات ٣٧ : ١٣٠.
(٢) الصافّات ٣٧ : ٧٩.
(٣) الصافّات ٣٧ : ١٠٩.
(٤) الصافّات ٣٧ : ١٢٠.
(٥) ملحق ترجمة كتاب الإسلام ، ص ٤١٨.
(٦) تفسير المراغي ، ج ٢٣ ، ص ٨١.
(٧) الصافّات ٣٧ : ١٢٣.
(٨) الهدى إلى دين المصطفى ، ج ١ ، ص ٣٨٣.
(٩) راجع : سفر الملوك الثاني ، ١ / ٣ و ٤ و ٨ و ١٠ و ١٢ و ١٥ و ١٧.