وقال بشر بن حازم :
وإلّا فاعلموا أنّا وأنتم |
|
بغاة ما بقينا في شقاق |
ورجّح ذلك في الآية رعاية لمناسبة الواو في «هادوا» نظير العطف على الجوار. قال الكسائي : هو نسق على ما في «هادوا». (١)
كما رجّح النصب على الأصل في آية اخرى نظيرتها أيضا لمناسبة الجوار ، وذلك في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ)(٢) لمناسبة الياء في «النصارى». (٣)
ثانيهما : ما ذكره ابن قتيبة ، قال : جواز الرفع في مثل ذلك إنّما كان لأجل عدم تغيير في مفهوم الابتدائية سواء قبل دخول «إنّ» أو بعده. حيث إنّها تزيد معنى التحقيق ولا تزيد معنى آخر سوى ما كانت الجملة تفيدها ذاتا. ومن ثمّ لا يجوز ذلك في المعطوف على اسم «لعلّ» أو «ليت» لزيادة معنى الترجّي أو التمنّي في مفهوم الكلام.
وقال : رفع «الصابئون» لأنّه ردّ (أي عطف) على موضع الاسم وموضعه رفع ، لأنّ «إنّ» مبتدأة ولم تحدث في مفهوم الكلام معنى كما تحدث أخواتها. ألا إنّك تقول «زيد قائم» ثم تقول «إنّ زيدا قائم» ، ولا يكون بين الكلامين فرق في المعنى ، سوى زيادة التأكيد. لكنّك إذا قلت «زيد قائم» ثم «لعلّ زيدا قائم» أو «ليت زيدا قائم» فقد أحدثت معنى الشكّ (الترجّي) أو التمنّي في مفهوم الكلام. ومن ثمّ لا يجوز الرفع في المعطوف على الاسم في غير «إنّ» من سائر أخواتها. (٤)
وأمّا النصب في «المقيمين» من قوله تعالى : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ)(٥) ـ وطرفاه على الرفع ـ فلأنّه على القطع لأجل المدح والاختصاص ، وهو شائع في اللغة.
__________________
(١) المصدر.
(٢) البقرة ٢ : ٦٢.
(٣) مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٢٢٥.
(٤) تأويل مشكل القرآن ، ص ٥٢.
(٥) النساء ٤ : ١٦٢.