أمّا لو اخذت من «الغيث» أي المطر فيكون المعنى : فيه يمطرون. غير أنّ بلاد مصر العليا تنعم بغزارة الأمطار في أربعة أشهر متتالية في فصل الشتاء. فالمصريّون الّذين يعيشون في الصعيد في الدلتا يعلمون جيّدا أنّ الأمطار تتساقط بغزارة خلال فصل الشتاء أي خلال أربعة أشهر (من ديسمبر إلى مارس). وأنّ زراعة القمح والبرس والشعير والفول وأمثالها تعتمد أساسا على الأمطار الّتي تتساقط هذه الفترة. الأمر الذي يجهله أمثال «نولدكه» من المتخصّصين في الدراسات العربية الإسلامية ، وهو لم تطأ قدمه بعد البلدان الإسلامية ولم يغادر اوربا طوال عمره (١٨٣٦ ـ ١٩٣١ م). فلا غرو أن يخطأ «نولدكه» خطأ مزدوجا ، فهو لم يفهم النصّ العربي للآية. ثم إنّه يؤكّد أنّ المطر يكاد ينعدم في مصر ، وأهلها لم يشعروا أبدا باحتياجهم له! وهو الخطأ الذي لا يقع فيه أحد من صبية مصر! على حدّ تعبير الاستاذ البدوي. (١)
والعجب أنّه لم يطّلع على ما كتبه «سال elaS» في ترجمة القرآن التي أنجزها وانتشرت خلال القرن الثامن عشر. إنّه يترجم الآية هكذا :
ونجده في ملاحظة سجّلها في أسفل الصفحة يقول : علينا أن نفنّد ما كتبه بعض المؤلّفين القدامى. فلقد كانت تمطر عادة في الشتاء خاصّة في الوجه البحري ، وقد لوحظ الثلج في الإسكندرية على نقيض ما يزعمه «aceneS» صراحة. فعلا تصبح الأمطار أكثر ندرة في الوجه القبلي في اتجاه شلّالات النيل. وعلى أيّة حال فإنّنا نفترض أنّ الأمطار التي ذكرت هنا ـ في الآية ـ قصد بها تلك التي تسقط في «إثيوبيا» وتسبّب ارتفاع منسوب النيل. (٢)
__________________
(١) معدّل الأمطار التي تسقط في الإسكندريّة وشمال الدلتا يقدّر به ٢٠٦ ملم ، وفي القاهرة ٣٣ ملم. انظر :.s.L ١٩٧٤ ، paraH ، nodnoL ، acirfA.etagguS (الدفاع عن القرآن ، ص ١٨٧ ـ ١٨٨).
(٢) eIaSeqroeGybciba rAlanigiroehtmor fhcsilgnEotnidet alsnart ، narokehT هذه الترجمة صدرت عام ١٧٣٤. (الدفاع عن القرآن ، ص ١٨٧).