على عهد موسى وفرعون. (١)
عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون
ويسترسل «نولدكه» في توهّماته عن القرآن ، ليزعم أنّ هذا التعبير بشأن صعيد مصر الذي تشحّ فيه الأمطار ينمّ عن جهل بموضع هذا البلد الذي تعود خصوبته إلى فيضان النيل لا الأمطار. جاء في فقرة من كتابه (...sehctekS ص ٣٠ ـ ٣١) حول هامان ومريم : «بالإضافة إلى هذا التصوّر غير المعقول ، يوجد تحويرات مزاجية شتّى ، بعضها يدعو للسخرية وينسب إلى محمّد نفسه. والمثال على جهله لكلّ الامور خارج الجزيرة هو جعل الخصوبة في مصر ـ التي تشحّ فيها الأمطار ـ مرهونة بالأمطار وليس بفيضان النيل». (٢)
هذا الانتقاد في غاية الغباء وينمّ عن جهل «نولدكه» ـ المستشرق المشهور ـ للّغة العربية وللشئون المصرية بالذات.
لقد جاء في الآية التي يستشهد بها ما يلي : (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ). (٣)
وكلمة «يغاث» تحتمل أن تكون من «الغوث» ـ وهو النصرة ـ أو من «الغيث» أي المطر. (فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ)(٤) أي استنصره. ومن ثم جاء في تفسير الآية (عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ) أي ينجى الناس من الجدب ومحنة القحط. قالوا : ويكون من قولهم : أغاثه الله ، إذا أنقذه من كرب أو غمّ. ومعناه : ينقذ الناس فيه من كرب الجدب. وقوله «وفيه يعصرون» أي يعصرون السمسم دهنا والعنب خمرا والزيتون زيتا. وهذا يدلّ على ذهاب الجدب وحصول الخصب ووفور الخير. (٥)
__________________
(١) راجع : الموسوعة المصرية (تاريخ مصر القديمة) ، مجلّد أوّل ، الجزء الأوّل ، ص ٣٨ ـ ٤٢ ؛ وقاموس الكتاب المقدّس ، ص ٩٦٨ و ٩٦٩ ؛ وقصص الأنبياء للنجّار ، ص ١٤٩.
(٢) راجع : الدفاع عن القرآن ، ص ١٨٦.
(٣) يوسف ١٢ : ٤٩.
(٤) القصص ٢٨ : ١٥.
(٥) راجع : التفسير الكبير ، ج ١٨ ، ص ١٥١.