جلّهم أطلق عليه لقب ابن الله. فهو تلقيب تكريم كما في تلقيب يعقوب بإسرائيل أي القدرة الغالبة الإلهية. وداود بمعنى المحبوب لدى الله. وجبرائيل أي الرجل الإلهي. وعزئيل أي عزّته تعالى. كلّ هذه ألقاب تشريفية تكريما بمقام المتلقّبين بها.
لكن الفيلسوف اليهودي «فيلو» الاسكندري المعاصر للمسيح يقول : إنّ لله ابنا هو كلمته التي خلق بها الأشياء. فعلى هذا لا يبعد أن يكون بعض اليهود المتقدّمين على البعثة المحمّدية ـ على المبعوث وآله صلوات ربّ العالمين ـ قد قالوا إنّ عزيرا ابن الله بهذا المعنى ، كما شاع عند النصارى أن تلقيب المسيح بابن الله هو من هذا الباب. (١)
قال اجعلني على خزائن الأرض
قالوا : لم يعهد من تاريخ مصر القديمة أنّ ملوكها استوزروا أجانب في سلطانهم ، فمن هذا الملك الّذي استوزر يوسف العبراني لإدارة شئون الاقتصاد في البلاد؟
(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) (أي أجعله من خاصتي) (فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ. قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ). (٢) فأصبح يوسف عزيز مصر!
وتزحلق بعضهم القول بعدم معهودية التوزير من أبناء اليهود (٣) ولم يدر المسكين أنّ يوسف سبق اليهودية بقرون! وكان الذي خوّله إرادة شئون الاقتصاد من الملوك الرعاة (الهكسوس) وهم أجانب ومن جالية الشعوب الهندية الاوروبية تغلّبوا على الشعب المصري وحكموا البلاد قسرا. والذي بدأ حوالي سنة ١٨٠٠ ق. م. وهو العهد الذي يمثّل الاسرتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة ثم السابعة عشرة في الشمال حتّى عام ١٥٧٠ ق. م ليقوم «أحمس الأوّل» في وجههم ويطردهم ويؤسّس الدولة الحديثة الاسرات من الثامنة عشرة إلى آخر العشرين. وكان إذ ذاك أوان خروج العبرانيّين من مصر
__________________
(١) راجع : تفسير المنار ، ج ١٠ ، ص ٣٢٢ ـ ٣٢٨.
(٢) يوسف ١٢ : ٥٤ و ٥٥.
(٣) شجاع الدين شفا في كتابه «تولّدى ديگر» ، ص ٢٨٦.