ولا دلالة فيها على غرق آخرين من أقوام لو كانوا مبعثرين عاشين في سائر أقطار الأرض ممّن لم تبلغهم دعوة نوح ولم يكن مرسلا إليهم.
هذا فضلا عن سائر الحيوان من الزحّافات والدبابات المنتشرة في وجه الأرض ، وكذا الطير في الهواء ، ممّا لا شأن لها ورسالات الأنبياء ولا وجه لأن يعمّها العذاب وهو عقاب على معصية لا مساس لها بغير الإنسان.
الأمر الذي يؤخذ على التوراة أشدّ الأخذ! ولا سيّما بذاك الوصف الذي وصفته : غمر الماء وجه الأرض كلها وارتفع حتّى غمر قمم الجبال الشامخات وعلاهنّ بخمس عشرة ذراعا (سبعة أمتار)!
نقض فرضية الشمول؟
يقول «ولتر» ـ الكاتب الناقد الفرنسي (١٦٩٤ ـ ١٧٧٨ م) بصدد تسخيف أسطورة الطوفان على ما وصفته التوراة ـ : كان يجب لمثل هذا التضخّم من الماء المتراكم على وجه الأرض أن تضطمّ اثنا عشر بحرا ، كلّ في سعة البحر الأطلنتي المحيط ، بعضها فوق بعض ، ليكون الأعلى في حجم أكبر بأربع وعشرين ضعفا ، وهكذا حتّى تجتمع في مثل هذا الماء المتراكم ليغمر شامخات الجبال!
ويزيد ـ مستخفّا عقلية مسطّر هذه الأساطير وناقما على الذين اعتنقوها باعتبارها وحيا من السماء (وحاشاه) ـ : يكفي بذلك معجزة خالدة لا حاجة معها إلى سائر المعاجز ، حيث لا مثيل لها في خرق نواميس الكون!!.
ويقول آخر : إنّ المحاسبات العلمية الدقيقة تعطينا : أنّ الأبخرة المنبثّة في أجواء الأرض لو تكثّفت جميعا وهطلت أمطارا لما كانت تكفي لأن تغمر وتعلو عن وجه الأرض بأكثر من بضع سانتيمترات ، فكيف بجبال شامخات؟!
يقول الدكتور «شفا» : لو كانت السماء تهطل بأمطارها أربعين صباحا ـ كما هو نصّ التوراة ـ لما كاد أن يغمر هضبة ما بين النهرين ـ على صغرها ـ فكيف بغمر وجه الأرض