وكانت خيانتهما هي المسايرة مع الكافرين ونبذ معالم الهداية التي كانت في متناولهما القريب.
وابن نوح يقول عنه تعالى : إنّه ليس من أهله. لا يصلح للانتساب إليه بهذا العنوان الفخيم (أهل نوح) لأنّه عمل غير صالح ، إنّه حصيلة أعماله غير الصالحة ، ومن ثمّ فإنّه كان يعيش خارج الإطار الذي كان يعيشه نوح وأهله.
وهذا أيضا من أعظم العبر ، كيف ينحدر الإنسان من أعلى قمم الهداية والتوفيق لينخرط مع البائسين الحيارى لا يهتدون سبيلا؟!
أمّا وكيف ابتغى نوح نجاة ابنه هذا وهو يعلم ما به من غواية الضلال؟ فهذا يعود إلى حنان الأبوّة ورحمة العطوفة التي كان يحملها نوح عليهالسلام لا سيّما مع ما وعده الله بنجاة أهله ، فلعلّه شملته العناية الربّانية وأصبح من المرحومين. ومن ثمّ جاءته الإجابة باليأس وأنّه لا يصلح أن يكون أهلا له وكان محتّما عليه أن يمسي من المرجومين.
هل عمّ الطوفان وجه الأرض؟
صريح التوراة أنّ الطوفان عمّ وجه الأرض وأهلك الحرث والنسل وحتّى الطير في السماء.
وليس في القرآن دلالة ولا إشارة إلى ذلك ، بل على العكس أدلّ وأنّ الطوفان إنّما عمّ المنطقة التي كان يعيشها قوم نوح ولم يتجاوزها.
جاء في سورة الأعراف : (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) إلى قوله : (فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ). (١)
فالذين كان يخاف عليهم عذاب يوم عظيم ممّن كذّبوه وكانوا قوما عمين ، كانوا هم المغرقين.
__________________
(١) الأعراف ٧ : ٥٩ ـ ٦٤.