لِلْمُؤْمِنِينَ). وفي موضع آخر : (لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ). و (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ). و (إِنَّما يَتَذَكَّرُ
أُولُوا الْأَلْبابِ). يعني المؤمنين.
(فالمعنيّ بهذه
الآيات وبهذه التعابير هم المؤمنون محضا ، وإنّما جاءت الأوصاف الخاصّة بهم عناوين
مشيرة إلى ذاك المعنون بالذات ، من غير خصوصية لذات الأوصاف).
ومثله قوله
تعالى في قصّة سبأ : (وَمَزَّقْناهُمْ
كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ). وهذا كما تقول : إنّ في ذلك لآية لكلّ موحّد مصلّ ،
ولكلّ فاضل تقيّ ، وإنّما تريد المسلمين حقّا.
والخلاصة : أنّ
هناك فرقا بين أخذ الأوصاف عناوين مشيرة إلى الموضوع الأصل فلا رابط بينها وبين
الحكم المترتّب عليها في القضيّة ، وبين أخذها مواضيع هي علل وأسباب لثبوت تلك
الأحكام المترتّبة. والآيات المنوّه عنها هي من قبيل النوع الأول ، لتكون الأوصاف
خواصّ لازمة للموضوع من غير أن يكون لها دخل في موضوعية الموضوع ، الأمر الذي
حقّقه علماء الاصول.
* * *
وقوله : (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ
نَباتُهُ). فإنّما يريد بالكفّار هاهنا الزرّاع ، واحدهم كافر. وإنّما
سمّي كافرا لأنّه إذا ألقى البذر في الأرض كفره ، أي غطّاه وستره ، وكلّ شيء
غطّيته فقد كفرته. ومنه قيل : تكفّر فلان في السلاح : إذا تغطّى. ومنه قيل
للّيل : كافر : لأنّه يستر بظلمته كلّ شيء. ومنه قول الشاعر (هو لبيد بن ربيعة) :
يعلو طريقة
متنها متواترا
|
|
في ليلة كفر
النجوم غمامها
|
__________________