وجاء فيها أيضا
أنّهم قصدوا زيارة كبير المرتاضين وكان مقرّه في غابة ملؤها حشرات وبعوض ضارية ،
ولمّا أن اقتربوا من مقرّ المرتاض بكليومترات وإذا الفضاء صحو لا حشرة فيه ولا
بعوضة. فتعجّبوا من ذلك وسألوا المرتاض عن السرّ ، قال : إنّا لا نمنح لها
بالاقتراب من حريمنا!
كلّ ذلك إن دلّ
فإنّما يدلّ على قدرة نفسية كبيرة حظي بها هؤلاء المرتاضون على أثر رياضتهم ونبذ
المشتهيات ، وليس من السحر في شيء.
أضف إلى ذلك
أنّ النفس بذاتها ذات قدرة جبّارة بها يتمكّن الإنسان من التغلّب على الطبيعة ، من
غير أن يستعين بقدرة خارجة عن إطار نفسه. لكن إذا عرف من نفسه هذه القدرة
واستعملها بقوّة وعزيمة راسخة.
قرأت في تاريخ
ثورة فرنسا الكبرى عن شخصية «ميرابو» الرجل السياسي الكبير من أركان الثورة (١٧٤٩
ـ ١٧٩١ م) على عهد الملك لويس الخامس عشر. كان نائبا في مجلس النيابة وكان ذا منطق
قويّ جبّار بحيث كان يرضخ له المؤالف والمخالف لقوّة خطاباته. يحكى عن مقدرته
النفسية الخارقة قضايا ، منها ما ذكره أحد زملائه وكان يرافقه في قصده لزيارة قبر
والدته ، وإذا بكلب هارش هجم عليهما وكان ضاريا شديد البأس. فأخذ صاحبه يتوحّش
ويلتمس الفرار ، لكن ميرابو في هدوء وطمأنينة وأخذ يهدّئ من روعة صاحبه قائلا : لا
تستوحش أنا أكفيكه. فجعل يتحدّق النظر في عيني الكلب وإذا به يهدأ حتى افترش
بذراعيه على الأرض كالخاشع أمام ميرابو! ينقل بشأنه من أمثال هذه القضايا كثير.
شهدت إحدى
الاحتفالات في مراسم العزاء على سيّد الشهداء ليلة الحادي عشر من محرّم الحرام
بكربلاء المقدّسة عام (١٣٧٠ ه. ق) وكان الاحتفال بشأن دخول النار المتوهّجة كما
هو مرسوم عند الهنود. وقد توقّدت النار في حطب ضخم حوالي ساعات حتّى صارت جمرات
متوهّجة في حفرة مستطيلة الشكل مترين في ثلاث أو أربع مترات في عمق ثلاثين
سانتيمترا ملؤها الجمرات المتوقّدة. فجاء هنود أربعة مسلمون وجعلوا