من الجنّ في نفثه في فعله ذلك استشعارا للعزيمة بالعزم. ولتلك البنية والأسماء السيّئة روح خبيثة تخرج منه مع النفخ متعلّقة بريقه الخارج من فيه بالنفث ، فتنزل عنها أرواح خبيثة ويقع عن ذلك بالمسحور ما يحاوله الساحر!
قال : وشاهدنا أيضا من المنتحلين للسحر وعمله من يشير إلى كساء أو جلد ويتكلّم عليه في سرّه ، فإذا هو مقطوع متخرّق. ويشير إلى بطون الغنم كذلك في مراعيها بالبعج (أي شقّ البطن) فإذا أمعاؤها ساقطة من بطونها إلى الأرض.
وسمعنا أنّ بأرض الهند لهذا العهد من يشير إلى إنسان فيتحتّت (أي يتفتت ويتساقط) قلبه ويقع ميّتا ، وينقلب عن قلبه فلا يوجد في حشاه. ويشير إلى الرمّانة وتفتح فلا يوجد من حبوبها شيء.
قال : وكذلك سمعنا أنّ بأرض السودان وأرض الترك من يسحر السحاب فيمطر الأرض المخصوصة. وكذلك رأينا من عمل الطّلسمات عجائب من الأعداد المتحابّة ... ونقل أصحاب الطّلسمات أنّ لتلك الأعداد أثرا في الالفة بين المتحابّين واجتماعهما إذا وضع لهما مثالان أحدهما بطالع الزهرة وهي في بيتها أو شرفها ناظرة إلى القمر نظر مودّة وقبول. (١)
ثمّ يذكر الاستاذ وجدي ما شاهده الغربيّون في تجوالهم القارّات من غرائب صدرت على أيدي كهنة القبائل ، ولكنّهم جرّبوها بأنفسهم فوجدوها (كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً). (٢) فرأوها لا تؤثّر أدنى تأثير ، فزالت جميع الأوهام التي كان الأقدمون يحيطون بها من الكيمياء والنجامة ، وتولّد من الاولى الكيمياء الحقيقية ، ومن الثانية علم الفلك الصحيح.
قال الاستاذ وجدي : وقد ذكر القرآن الكريم السحر في مواضع كثيرة. وقد مضى متقدّموا الأمّة معتقدين وجوده وأنّه من العلوم السرّية التي يتحصّل عليها بالرياضة
__________________
(١) راجع : المقدمة لابن خلدون ، الفصل ٢٢ ، ص ٤٩٦ ـ ٤٩٩.
(٢) النور ٢٤ : ٣٩.